تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويقول جل جلاله: ? أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ? ().

هذه الآيات تتحدث عن حقائق علمية في عالم البحار، اكتشفت باستخدام تقنيات هذا العصر من أجهزة متطورة وجهود متضافرة لعلماء ومتخصصين وتوجت باستخدام الأقمار الصناعية مما زاد الصورة وضوحاً.

نلاحظ من خلال الآيات السابقة، أنها جميعاً تناولت ظاهرة البرزخ الناشئ بين المائَيْن، فالآية الأولى تشرح البرزخ الناشئ بين ماء النهر العذب وماء البحر المالح، ووصف الله تعالى البرزخ بينهما بأنه حجر محجور، ثم جاءت الآيات من سورة الرحمن، توضح البرزخ الناشئ بين البحرين المالحين، لأن المرجان لا يكون إلا في البحار المالحة،

أما الشاهد الثالث من سورة النحل، فإن الآية لم تحدد نوعية البحرين، بل جاءت بوصف عام، ولم تحدد نوعية الحاجز أيضاً، ولا بد من شرح لغوي لهذه الأوصاف

(البرزخ والحاجز والحجر المحجور) قبل الحديث عنها.

البرزخ: الذي بين شيئين اثنين،قال في لسان العرب: البَرْزَخُ: ما بين كل شيئين، وفي الصحاح: الحاجز بين الشيئين.

والحاجز: المانع، قال في لسان العرب: الحَجْز: الفصل بين الشيئين، حَجَز بينهما يَحْجُِزُ حَجْزاً وحِجازَةً فاحْتَجَز؛ واسم ما فصل بينهما: الحاجِزُ. الأَزهري: الحَجْز أَن يَحْجِز بين مقاتلين، والحِجَاز الاسم، وكذلك الحاجِزُ. قال الله تعالى: وجَعَل بين البحرين حاجِزاً؛ أَي حِجازاً بين ماءٍ مِلْح وماءٍ عَذْبٍ لا يختلطان، وذلك الحجاز قدرة الله. وحَجَزَه يَحْجُِزُه حَجْزاً: منعه.

والحجر المحجور: هو المكان الممنوع، قال الأصفهاني في مفرداته لألفاظ القرآن: والحجر: الممنوع منه بتحريمه، قال تعالى:?وقالوا: هذه أنعام وحرث حجر? ()، ?ويقولون حجراً محجوراً? ()،كان الرجل إذا لقي من يخاف يقول ذلك ..... ، قال تعالى: ? وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً ? ()، أي: منعاً لا سبيل إلى رفعه ودفعه، وفلان في حجر فلان، أي: في منع منه عن التصرف في ماله وكثير من أحواله، وجمعه: حجور.

قال القرطبي في تفسيره: (وحجراً محجوراً): أي ستراً مستوراً يمنع أحدهما من الاختلاط بالآخر. فالبرزخ الحاجز، والحجر المانع.

الحاجز بين النهر العذب والبحر المالح:

قال الله تعالى: ? وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً ? ().

فالعذب الفرات: هو ماء النهر، ووصفه بذلك أي أنه سائغ شرابه.

والملح الأجاج: هو ماء البحر، ووصفه بأنه أجاج أي شديد الملوحة لا يستساغ شرابه.

والبرزخ: هو الحاجز المائي الفاصل بين العذب الفرات والملح الأجاج، وهو عبارة عن منطقة انتقالية فيها خليط من المائيْن العذب والمالح، فهو أقل كثافة من ماء البحر وأكثر كثافة من ماء النهر، وهذا ما يجعله يستقر بين البحرين العذب والمالح، فهو حاجز يمنع طغيان بحر على آخر ويمنع الخصائص والميزات الموجودة في بحر بأن تطغى على البحر الآخر.

والحجر المحجور: هو المكان الممنوع، يمنع الكائنات الحية التي تعيش ضمن هذا الشريط الضيق من الخروج منه، وبنفس الوقت فإن هذا الشريط المائي ممنوع على معظم الأحياء الأخرى من أن تدخل إليه، فهي منطقة ممنوع الدخول إليها أو الخروج منها فهي حجر محجور.

أما الحاجز بين البحرين المالحين:

قال الله تعالى: ? مرج البحرين يلتقيان. بينهما برزخ لا يبغيان. فبأي آلاء ربكما تكذبان. يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ? ().

المقصود هنا بالبحرين بحران مالحان، بدليل قوله تعالى: ? يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ?

فالمرجان () لا يوجد إلا في البحار المالحة، فالآية تتحدث عن بحرين مالحين غير أنهما متباينين في درجة تركيز ملوحتهما وخواصهما الأخرى، والآية لم تتحدث عن الحجر المحجور، فالبحران مالحان وقد يكون الفرق في درجة ملوحتهما قليلاً، لذلك ربما لا تشكل منطقة البرزخ حجراً على الكائنات الحية من دخوله واختراقها والانتقال بينهما دون أي عائق أو عرقلة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير