تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وخلاصة ما نخرج منه بعد هذا النقاش أن القرطبي المفسر محمد بن احمد بن أبي بكر بن فَرْح الأنصاري المتوفى سنة 671هـ/1273م يبعد أن يكون هو مؤلف كتاب "الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام " والأقرب أن يكون مصنفه أحد علماء قرطبة الآخرين، وربما كان من شيوخ القرطبي المفسر.

ولقد عثرنا على إحالات لأبي العباس أحمد بن عمر القرطبي (25) (ت656 هـ/1258م وهو شيخ القرطبي المفسر (26). في شرحه لصحيح مسلم (27) يشير فيها إلى كتاب اسمه "الإعلام "، وذلك في عدة مواضع، الأول: حينما عرض لبركة النبي صلى الله عليه وسلم قال: وذكرنا من ذلك جملة صالحة في كتاب (الإعلام بمعجزات النبي عليه الصلاة والسلام) (28) " الثاني: لما أشار إلى أن نبينا صلى الله عليه وسلم قد أعطي من كل نوع من أنواع معجزات الأنبياء عليهم السلام قبله عقب على ذلك بقوله" كما أوضحناه في كتابنا المسمى بـ (الإعلام بصحة نبوة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام) " (29) الثالث: عندما تطرق لصفة الرسول صلى الله عليه وسلم في الكتب القديمة قال" وقد ذكرنا منه مواضع كثيرة جاءت في كتب أنبياء بني إسرائيل في كتاب (الإعلام) " (30). الرابع: حين رد على القائلين بأن الحواريين كانوا أنبياء أُرسلوا إلى أناس بعد عيسى عليه الصلاة والسلام قال" وهو قول أكثر النصارى كما ذكرناه في كتاب (الإعلام) " (31) الخامس: لما تعرض لتأويل النصارى للختان قال: وليس هذا بأول جهالاتهم، فكم لهم منها وكم؟ ويكفيك من ذلك أنهم زادوا على أنبيائهم في الفهم، وغلطوهم فيما عملوا عليه، وقضوا به من الحكم " ثم قال " وقد أسبغنا القول في هذا في كتاب (الإعلام) " (32).

وإذا أرجعنا البصر في هذه الإحالات الخمس نلحظ ما يلي:

1 - في الأولى جاء الكتاب باسم " الإعلام بمعجزات النبي عليه الصلاة والسلام "، وفي الثانية باسم "الإعلام بصحة نبوة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام " وفي الثلاث الباقية اكتفى فقط بالكلمة الأولى من العنوان وهي "الإعلام".

2 - موضوعات الإحالات الثلاث الأولى تتسق وموضوع كتاب الإعلام هذا الذي يشير إليه أبو العباس القرطبي بصفته أحد مؤلفاته، فهي تمس – كما هو واضح – معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وإثبات صحة نبوته بالمعجزات أو بأوصافه في التوراة والإنجيل، بينما الإحالتان الرابعة والخامسة يبعدان في موضوعيهما عن موضوعات الإحالات الثلاث الأولى، فهما يختصان بالرد على النصارى، وتبدوا الخامسة أكثر تعلقاً بموضوع الرد على النصارى. فهو – كما سبق- لما ذكر تأويلات النصارى المضلة، وافتراءاتهم على أنبيائهم عقب بقوله " وقد أسبغنا القول في هذا في كتاب (الإعلام) ". وبناء على هذا الاستنباط فيفترض أن يكون كتاب الإعلام هذا أكثر من واحد، وبخاصة أن المؤلف ذكر اسمه بثلاث صيغ، فيكون – مثلاً – واحد منها يختص بإثبات نبوته صلى الله عليه وسلم،والثاني يعنى بالرد على النصارى. وإما أن يكون الكتاب واحداً، ولكن مؤلفه لم يلتزم بالعنوان.

3 - إذا عدنا إلى الكتاب المنسوب إلى القرطبي المفسر وهو "الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن دين الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام " ألفيناه يتضمن موضوعات كل الإحالات الخمس التي سردناها قبل قليل، ففيه أمثلة عن بركة الرسول صلىالله عليه وسلم (33)،وفيه التأكيد على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطي من كل نوع من أنواع معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبله (34)، وفيه أمثلة كثيرة من أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل (35)، وفيه رد على القائلين بإرسال الحواريين إلى الناس بعد عيسى بصفتهم أنبياء (36)، وفيه نقد لكثير من جهالات النصارى و ضلالاتهم (37). فهل يعني، الكتاب الذي يعزو إليه القرطبي أبو العباس ويسميه " الإعلام " هو كتاب " الإعلام " الذي نروم معرفة مؤلفه، وبخاصة أن الكلمة الأولى من العنوان في الكتابين واحدة؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير