تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتنقسم إلى الإشارات المتعلقة بالأقوال؛ مثل ما يأخذونها من القرآن ونحوه، فتلك الإشارات هي من باب الاعتبار والقياس وإلحاق ما ليس بمنصوص بالمنصوص مثل الاعتبار والقياس الذي يستعمله الفقهاء في الأحكام، لكن هذا يستعمل في الترغيب والترهيب وفضائل الأعمال ودرجات الرجال ونحو ذلك:

ـ فإن كانت الإشارة اعتبارية من جنس القياس الصحيح؛ كانت حسنة مقبولة.

ـ وإن كانت كالقياس الضعيف؛ كان لها حكمه.

ـ وإن كان تحريفا للكلام على غير تأويله؛ كانت من جنس كلام القرامطة والباطنية والجهمية، فتدبر هذا، فإني قد أوضحت هذا في قاعدة الإشارات) الفتاوى (6: 377).

وإذا كان الحال في الإشارات أنها من هذا الباب، فهي استنباطات تظهر للإشاري أثناء نظره في القرآن، وهي نوع من التدبر الذي يحسن النظر إليه؛ لأنك إذا تأمَّلت بعض الاستنباطات والفوائد التي يذكرها بعض التربويين والدعاة وغيرهم؛ وجدتها من باب الإشارات، وليست من التفسير.

ولا شك أن هذه الأقسام الثلاثة في الإشارات تنطبق على ما يذكره هؤلاء الدعاة والتربويون وغيرهم.

كلام العلماء في ضوابط قبول التفسير الإشاري:

لقد ذكر بعض العلماء ضوابط للتفسير الإشاري، منهم ابن القيم (ت: 751)، والشاطبي (ت: 790)، وهاأنذا أسوق كلامهما:

قال ابن القيم ـ في تفسير قوله تعالى (فالموريات قدحًا): ( ... وأضعف منه قول عكرمة: هي الألسنة تورى نار العداوة بعظيم ما نتكلم به وأضعف منه ما ذكر عنه مجاهد: هي أفكار الرجال تورى نار المكر والخديعة في الحرب

وهذه الأقوال إن أريد أن اللفظ دل عليها وأنها هي المراد فغلط وإن أريد أنها أخذت من طريق الإشارة والقياس فأمرها قريب

وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول:

ـ تفسير على اللفظ، وهو الذي ينجو إليه المتأخرون.

ـ وتفسير على المعنى، وهو الذي يذكره السلف.

ـ وتفسير على الإشارة والقياس، وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم.

وهذا لابأس به بأربعة شرائط:

ـ أن لا يناقض معنى الآية.

ـ وأن يكون معنى صحيحا في نفسه.

ـ وأن يكون في اللفظ إشعار به.

ـ وأن يكون ببنيه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم.

فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة؛ كان استنباطا حسنا) التبيان في أقسام القرآن (ص: 49).

قال الشاطبي: (فصل: وكون الباطن هو المراد من الخطاب قد ظهر أيضا مما تقدم في المسألة قبلها ولكن يشترط فيه شرطان

أحدهما أن يصح على مقتضى الظاهر المقرر في لسان العرب ويجري على المقاصد العربية

والثاني أن يكون له شاهد نصا أو ظاهرا في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض

فأما الأول فظاهر من قاعدة لكون القرآن عربيا فإنه لو كان له فهم لا يقتضيه كلام العرب لم يوصف بكونه عربيا بإطلاق ولأنه مفهوم يلصق بالقرآن ليس في ألفاظه ولا في معانيه ما يدل عليه وما كان كذلك فلا يصح أن ينسب إليه أصلا إذ ليست نسبته إليه على أن مدلوله أولى من نسبة ضده إليه ولا مرجح يدل على أحدهما فإثبات أحدهما تحكم وتقول على القرآن ظاهر وعند ذلك يدخل قائله تحت إثم من قال في كتاب الله بغير علم والأدلة المذكورة في أن القرآن عربي جارية هنا

وأما الثاني فلأنه إن لم يكن له شاهد في محل آخر أو كان له معارض صار من جملة الدعاوي التي تدعى على القرآن والدعوى المجردة غير مقبولة باتفاق العلماء

وبهذين الشرطين يتبين صحة ما تقدم أنه الباطن لأنهما موفران فيه بخلاف ما فسر به الباطنية فإنه ليس من علم الباطن كما أنه ليس من علم الظاهر) الموافقات، تحقيق مشهور سلمان (4: 231 ـ 232).

وقد أشار إلى ضابط آخر عند تعليقه على كلام سهل بن عبد الله في قوله تعالى: (فلا تجعلوا لله أندادًا)، ويمكن أن يقال: أن لا تُعتبر هذه الإشارات من باب التفسير:

قال: ( ... وهذا يشير إلى أن النفس الأمارة داخلة تحت عموم الأنداد حتى لو فصَّل لكان المعنى، فلا تجعلوا لله أندادا لا صنما ولا شيطانا ولا النفس ولا كذا، وهذا مشكل الظاهر جدا إذ كان مساق الآية، ومحصول القرائن فيها يدل على أن الأنداد الأصنام أو غيرها مما كانو يعبدون ولم يكونوا يعبدون أنفسهم ولا يتخذونها أربابا ولكن له وجه جار على الصحة، وذلك أنه لم يقل إن هذا هو تفسير الآية، ولكن أتى بما هو ند في الإعتبار الشرعي الذى شهد له القرآن من جهتين ... ) الموافقات، تحقيق مشهور سلمان (4: 242 ـ 243).

وهذان النقلان يحتاجان إلى تحرير في دمج هذه الضوابط، والنظر في إمكانية إضافة ضوابط أخرى يحتاجها الناظر في كتب التفسير الإشاري، وإنما نقلتها بطولها لكي تطلع على كلام بعض العلماء ـ رحمهم الله ـ وتنظر فيه؛ لتعرف مدى اجتهادهم في ضبط مثل هذه الأمور المرتبطة بالقرآن الكريم.

(يتبع)

ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 Mar 2007, 09:06 م]ـ

فرغت - تقريباً - من مقالة تتناول هذا الجانب من التفسير: ما وراء اللفظ والمعنى المباشر. أسأل الله أن ييسر تمامها وطرحها بين يدي إخواننا وأساتذتنا في الملتقى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير