- ليكن الهم في التفسير أخذ الآية من جميع جوانبها والعيش في أكنافها لا مجرد تفريغ لمعلومات قد يجدها الطالب النهم في مظانها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[14 Mar 2007, 09:04 ص]ـ
نشكر أبا عبد الملك على مبادرته وحرصه على تطوير مناهج التفسير وتجديدها وبعث الروح فيها، وهو من قادة هذا الفن وفرسانه. وأحسب أن ذلك من التجديد للعلم.
والحقيقة أن مناهج التفسير في كلية الشريعة موضع نقاش منذ سنوات، وذلك لأنها تنحى منحىاَ فقيهاَ أخرجها عن روح التفسير، إذ أن المقرر يركز على آيات الأحكام.
والحق أنه يجب أن يكون منهج التفسير منهجاَ متكاملاَ يعطي الدارس مفتاحاَ لتفسير كتاب الله تعالى ينطلق به من وفقه الله لطلب العلم أو التخصص في التفسير.
وإنني بهذه المناسبة أطرح رؤية _ أسأل الله تعالى أن يجعلها صائبة مباركة، وهي ناتجة من تجربة عملية لي خلال بحث رسالة الدكتوراه - بحمد الله.
وهي أن يكون المنهج المقرر للتفسير في كلية الشريعة لجميع مستوياتها هو تعلم سورتي الفاتحة والبقرة، وذلك لأمور:
1 - عظم فضل هاتين السورتين، فقد جاء في فضلهما من الأحاديث الصحيحة، مايطول ذكره هنا مما لايخفى أهل القرآن والتفسير، مما يدل على أنهما أعظم سورتين في كتاب الله تعالى.
2 - الأمر بتعلم سورة البقرة، كما جاء عند الإمام أحمد في المسند والحاكم وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعلموا سورة البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ... )) الحديث رواه أحمد (5/ 348) والدارمي (2/ 543) وصححه الأرنؤوط في تعليقه على المسند.، وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (تعلموا سورة البقرة وسورة النساء وسورة الحج وسورة النور فإن فيهن الفرائض)) وما ورد أيضاً عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنهم مكثوا في تعلم سورة البقرة عدة سنين، ومن ذلك ماذكره السيوطي عن ابن عمررضي الله عنه قال (تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزوراً) ونقل عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها ((الدر المنثور 1/ 51.)، وهذا يؤكد أهمية دراسة السورة وتعلمها لما فيها من المعاني العظيمة.
3 - شمولهما وتضمنهما لأعظم مقاصد القرآن وأحكامه، فأما الفاتحة فإنها متضمنة جميع مقاصد القرآن، ولهذا سماها النبي صلى الله عليه وسلم بالكافية، وأما البقرة فلا شك أنها مشتملة على أصول التشريعات والأحكام في الإسلام ولذلك سميت بالفسطاط والسنام، وبذلك تتبين أهمية تعلمهما وبيان معانيهما وتخصيصهما في الدراسة.
4 - أنهما أول القرآن، فهما مفتاح لما بعدهما، ولذلك صدر بهما القرآن، ويجمل مع ذلك أن يقرر حفظهما مع التفسير فذلك نور على نور، وحفظهما من تعلمهما.
5 - أن كلية الشريعة، تركز على دراسة الشريعة، ولذلك كثفت فيها مواد الفقه وأصوله، وسورة البقرة يمكن بحق أن نسميها سورة الشريعة، أو كلية الشريعة لكونها شملت كليات الشريعة. فما أعظم مناسبتها للغرض التي أنشئت من أجله كلية الشريعة. والأمر الذي سيميز درس التفسير وهو ماينبغي التركيز عليه، هو إبراز منهج القرآن في عرض الأحكام وتقريرها، فإن هذه السورة العظيمة قد رسمت لنا منهجاَ عظيماَ في تقرير الأحكام وربطها بما يبعث النفوس لامتثالها، ولذلك سميت بالبقرة إشارة إلى حال بني إسرائيل في تلقيهم الشريعة وتلكئهم وعنادهم وفي ذلك تحذير للأمة من التشبه بهم في ذلك، فكأن هذا موطئ لذكر الأحكام بعد ذلك، ولهذا ختمت بقوله تعالى {آمن الرسول بما أنزل عليه من ربه والمؤمنون} إلى قوله {سمعنا وأطعنا}، وهذا المنهج لايمكن أن نجده في مادة الفقه وأصوله، وبذلك نكون قد حققنا للدارس أمرين مهمين أولاَ معرفة المنهج الصحيح في تقرير الأحكام من خلال منهج التفسير، ومعرفة تفاصيل الأحكام من خلال مادة الفقه.
6 - أن سورة البقرة تميزت بأمور مهمة:
¥