قال: فمن الواضح أن الآية هي عن صنوف الطعام المحرمة والاستسقام بالأزلام، وبدون ذلك لا يكون هناك محل " فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم، فإن الله غفور رحيم " وإن توجيه الحديث بداءا من " اليوم يئس الذين كفروا من دينكم " الخ .. هو إلى أمة المسلمين وقتئذ، وفي ذلك الوقت بدليل كلمة " اليوم " فالاستشهاد بالآية في استبعاد التدرج عند دعوة غير المسلمين أو من في حكمهم ممن اجتذبتهم الجاهلية الحديثة عن دينهم، ويراد إعادتهم إليه هو استشهاد لا يستقيم، ويكون في غير محله " ا. هـ
قال الباحث: فالدكتور يرى أن هذه اللفظة من الآية " اليوم أكملت لكم دينكم " خاصة من وجهين:
1ـ تخصيصها بذلك الوقت، والزمن.
2ـ تخصيصها بتلك الأنواع المحرمة من المطاعم.
وقد فات الدكتور أنها أنزلت في حجة الوداع، في يوم عرفة كما صح بذلك الحديث الصحيح من طريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومعلوم عند علماء المسلمين، وعوامهم أن حجة الوداع عاش بعدها النبي صلى الله عليه وسلم بضعة أشهر ثم توفي، فتكون كلمة اليوم تدل دلالة واضحة على اكتمال الشريعة بالدليل الذي ذكره الدكتور لكن بغير فهمه عفا الله عنه.
والغريب أن الدكتور أتى للآية التي اعتبرها رجل يهودي مفخرة من مفاخر الأمة التي تنزل عليها مثل تلك الآية حتى قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه " يا أمير المؤمنين آية تقرؤنها في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت ونعلم ذلك اليوم الذي نزلت فيه لاتخذناه عيدا " ومع ذلك خصصها الدكتور مع أن يهوديا فهم عمومها من خلال لفظها، وأيضا جعل أهل العلم هذه اللفظة من الآية أصلا في رد جميع البدع في جميع الأزمان.
لكن الدكتور حمله على ذلك الفهم ما يريد أن يقرره من أن حكم التدرج في التشريع الإسلامي باق على تدرجه ولم ينسخ، وأنه يحق للدعاة أن يتدرجوا في دعوتهم لغير المسلمين على ما كان عليه الأمر في بداية الإسلام ثم هكذا إلى أن يقرروا جميع الأحكام ولذلك قال " فإذا كان المسلمون الأول حديثي عهد بشرك وتطلب ذلك التدرج في دعوتهم إلى الإسلام وإلزامهم فروضه، فإن الناس في أمريكا وأوربا غارقون في الشرك حتى الأذقان فضلا عن غربتهم التامة عن الملابسات والعادات والتقاليد الإسلامية ... فإذا أريد دعوتهم إلى الإسلام أفلا يكون من الحكمة أخذهم بالتدرج .. ؟ " ا. هـ
فيقوم الدعاة على حسب كلام الدكتور عفا الله عنه بالتشريع بالتدرج، فيتدرجوا في الخمر، والشرك، وغير ذلك.
ولا أعرف إلى لحظتي هذه أن الدعاة السابقين من هذه الأمة المباركة، والمجاهدين من الصحابة ومن بعدهم أنهم فعلوا ما دعا إليه الدكتور مع أنهم يدعون الروم، أو ما يسمى أوربا، ولماذا لم يرض به أبو بكر رضي الله عنه في حربه المرتدين؟ فلا أدري لماذا غاب هذا الفهم عن السابقين، مع أنه أيسر في الدعوة؟!!!
وكفى بترك الأمة له ـ على امتداد قرونها، وتتابع دعوتها ـ دليلا على بطلانه.
المثال الثالث: قال: " والحديث يخالف عشرات الآيات التي تنص صراحة على حرية الفكر والاعتقاد دون قيد أو شرط " فمن شاء فليؤمن .. ومن شاء فليكفر " " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " أ. هـ
قال الباحث: فالدكتور يرى أن الآيات تدل على أن المجال مفتوح للإنسان أن يختار ما يشاء من الديانات، وأن هذا مسوغ لوجود ديانات في المجتمع المسلم، وعلى ذلك بنى كتابه التعددية في مجتمع إسلامي، وقال لأجله بنفي حد الردة.
المثال الرابع:
قال: " قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير "وقد شرحنا معنى " حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله " ولا مانع من الإشارة إليها فالجملة واضحة فهي تستبعد الفتنة أي إجبار الناس على تغيير المعتقد كما جاء في سورة البروج " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق " البروج 10
¥