تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد نقل لنا الشيخ الملالي بعض الأحداث الدالة على وفور عقل الإمام السنوسي وذكائة ونبوغه منذ صغره، منها قوله: «حدثني شيخنا سيدي علي التالوتي ـ رحمه الله تعالى ـ قال: كان أخي سيدي محمد السنوسي إذا دخل على الشيخ سيدي الحسن أبركان رحمه الله يتبسّم له ويفاتحه بالكلام، ثم يقول في دعائه له: جعلك الله من الأئمة المتقين. وكان أخي سيدي محمد لا يتكلّم في المجلس، وربما تَعْرِضُ للشيخ سيدي الحَسن مسألة ويتوقف أهلُ المجلس فيها، فيلتفت الشيخ سيدي الحسن أبركان إلى سيدي محمد السنوسي ـ وكان صغيرًا ـ فيقول له: ما تقول يا محمد في هذه المسألة؟ فيقول: يحتمل أن يكون المراد كذا وكذا، فيقول الشيخ سيدي الحسن أبركان: الصواب ما قال محمد، يعني سيدي محمد السنوسي رضي الله عنه ونفع به، فقد أجاب الله دعوته وحقق فيه فراسته رضي الله تعالى عنهما وحشرنا في زمرتهما." اهـ.

الفصل الرابع: في مكانته العلمية. لخص الملالي مكانة شيخه الإمام السنوسي العلمية قائلا: «اعلم أن العلم ينقسم إلى علم ظاهر وهو علم الشريعة، وباطن وهو علم الحقيقة، وهو أفضل العلوم، وقد جمع الله تعالى للشيخ ـ رضي الله تعالى عنه ـ بين العلمين على أكمل وجه؛ أمّا العلوم الظاهرة فقد فاز منها بأوفر نصيب، وحاز في الفروع والأصول السهم والتعصيب، ورمى إلى كل فضيلة ومكرمة بسهم مصيب، ولهذا كان ـ رضي الله تعالى عنه ـ لا تتحدث معه في علم من العلوم إلا تحدّث معك فيه، حتى يقول السامع: إنه لا يُحسِن غير هذا العلم، لا سيما علم التوحيد وعلم المعقول. وقد شارك الفقهاء في العلوم الظاهرة، ولم يشاركوه في العلوم الباطنة، بل زاد على الفقهاء في العلوم الظاهرة زيادة لا يمكن وصفها: وهو حلّ أقفال المشكلات وما يَعْرِض من الشُّبَه والدواهي المعضلات، لا سيما علم التوحيد، وهذا هو العلم على الحقيقة الذي يُعرَف به حقائق الأشياء، ويزيل بأنوار علومه وفهومه من القلب داءَ الشًّبَه وضروب الشكوك والامتراء.» اهـ.

الفصل الخامس: في شيوخه. قدّمنا أن الإمام السنوسي نشأ في عائلة علمية، وذكرنا أنه تلقى العلوم على مشاهير علماء عصره، وفيما يلي ذكر أبرزهم:

1 ـ أبو يعقوب يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي، نسبة إلى القبيلة المعروفة بالمغرب من قبل أبيه، الحسني نسبة إلى سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، والد الإمام السنوسي، نعته الملالي بالشيخ الصالح المبارك الزاهد العابد الأستاذ المحقق المقرئ الخاشع المقدّس المرحوم، وذكر أنه في عدد أشياخ الإمام السنوسي حيث أنه قرأ عليه بعض القرآن العزيز في صغره.

2 ـ أبو الحسن علي بن محمد السنوسي الشهير بالتالوتي الأنصاري (تـ895هـ)، أخو الإمام السنوسي لأمّه، نعته الملالي بالشيخ الفقيه الحافظ المتفنن العالِم الصالح البركة، وهو من أكبر تلاميذ الشيخ الحسن أبركان. كان حافظا لكتاب ابن الحاجب الفرعي مستحضِرًا له وكان بين عينيه، وذكر أن الإمام السنوسي أخذ عنه في زمن صغره رسالة ابن أبي زيد القيرواني.

3 ـ الحسن بن مخلوف بن مسعود المزيلي الراشدي، الشهير بـ: أبركان. (تـ857هـ) قال الملالي: هو الشيخ الإمام العالم العلم الولي الصالح القطب الغوث الشهير الكبير. أخذ عن الشيخ إبراهيم المصمودي، والإمام ابن مرزوق الحفيد. لازمه الإمام السنوسي كثيرًا في زمان صغره في أول بلوغه وانتفع به، وعدّه الملالي من مشايخه وإن لم يأخذ عنه كما أخذ أخوه الشيخ علي التالوتي، وذلك لأنه حضر مجلسه وانتفع بكلامه.

4 ـ محمد بن قاسم بن تُونَرَتْ الصنهاجي التلمساني: العلامة الفقيه المشارك المحقِّق. وقد ذكر الملالي نقلا عن شيخه الإمام السنوسي أنه قال: كان سيدي محمد بن تُونَرَتْ ـ رحمة الله تعالى عليه ـ شيخًا عالمًا بعلوم المعقول والمنقول والنجم والحساب والفرائض والأوفاق والخط والهندسة وفي كل علم. وذكر أيضا أن الإمام السنوسي قرأ عليه في زمن صغره جملة من الحساب والفرائض.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير