تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولقد تناسى الدكتور الجهد الذي يعد مفخرة لهذه الأمة في صيانتهم جانب السنة، واحتياطهم له، حتى أصبح من الأمانة السلفية في نقل الحديث أن من آداب المحدث أن ينقل المحدث الرواية كما هي ولو كانت خطأ مع التنبيه على خطئها، أي أنه لا يتولى بنفسه تصحيح الرواية، فيكون كتابه مجالا للتعديل، فينفتح الباب أمام كل من شك في لفظة من ألفاظ الحديث أن يقوم بتعديلها [32]، وقد امتلأت كتب آداب الحديث بفصول حول الخطأ في الرواية، وصيانة الكتاب، ونقل الرواية كما سمع، والتمييز بين كلامه، وأجزاء الحديث، وغير ذلك مما يعد من خصائص أهل السنة والجماعة.

فليس من السهل بعد ذلك أن يقال بأن روايات كثيرة دخلت ولم تمحص، فضلا عن وجود أحاديث موضوعة في كتب الصحاح!!! فإن الله حفظ كتابه، وحفظ الله له حفظ لدين هذه الأمة من التحريف، ومن هنا أصبحت هذه الأمة لا تجمع على ضلالة ومما يتقرر في علم المصطلح أنه لا يوجد حديث موضوع غفلت الأمة عنه بكاملها لأن ذلك يصادم أصل حفظ الله على الأمة دينها، قال الشافعي في الرسالة: " لا نعلم رجلا جمع السنن فلم يذهب منها عليه شيء، فإذا جمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن، وإذا فرق علم كل واحدة: ذهب عليه الشيء منها، ثم كان ما ذهب عليه موجودا عند غيره " [33] ا. هـ.

ووجود بعض الموضوعات في كتب السنة لا يعني القدح فيها، ولا التشكيك في الكل فما بالك بتنقيحها، وبيان أوهام الرواة، والتنبيه على علل الأحاديث، وسبر المرويات والمقارنة بينها، كل ذلك يعطينا العلامة الكاملة في الاطمئنان على حفظ السنة النبوية.

سادسا: لا يعتد بالإجماع

الدكتور فرّغ الإجماع من معناه، فإن الإجماع عند أهل العلم دليل على وجود الدليل، لأن الأمة لا تجمع على خلاف الدليل، بينما الدكتور إن أشكل عليه شيء مما أجمعت الأمة عليه استدل على بطلان إجماعها بأن الإجماع لا يكون خلاف الدليل، وأدعى أيضا أن الإجماع يتغير بإجماع مثله، فإذا أجمعت الأمة على أمر في عصر من العصور كان لمن بعدهم أن ينقض إجماعهم ليأتي بإجماع بدلا منه، قال الدكتور " وإجماع الأمة في عهد ما، لا يحول دون أن يتغير إجماعها في عهد آخر، فإن قيل إن الأمة لا تجتمع على ضلالة رد عليه بأن المقصود بالأمة الأمة المحمدية إلى يوم القيامة " [34] ا. هـ.

وأعتقد أن الدكتور لا يرد عليه بأن يقال هذا قول جديد لا تعرفه هذه الأمة، ولم يسبق لك قائل بها، وكان السلف يحذرون من هذا المسلك أيما تحذير = فإن الدكتور يعتبر هذا الكلام دليلا لصحة مذهبه، لأن الأمة ـ على حد زعمه ـ عاشت قرونا تحت وطأة الإسناد، يحدوها إليه " متطلبات العصر من طاعة للسلطان، وتوجيه للجمهور للرضا والتسليم وتميز الأغنياء " [35].

وإنما يرد عليه بتناقضه في بيان الإجماع الحجة عنده والذي لا تجتمع الأمة فيه على ضلالة فهو إجماع الأمة إلى يوم القيامة!! فكيف يكون ذلك، وهل يتصور؟! أن لا نحكم على مسألة بأنه مجمع عليها حتى ننتظر يوم القيامة لنتيقن ألا يخالف أحد!!!

ومن يقرأ مجموعة من كتبه يرى التناقض الظاهر فأحيانا يستشهد بالإجماع، وأحيانا ينسى كلامه فلا يقر به، بل يستهجنه [36]، وهذا عاقبة من لم يتقيد بمبادئ الطريق المستقيم، والجادة المسلوكة، التي سار عليها السلف، اقتداء بالصحابة الكرام، المهتدين بهديه صلى الله عليه وسلم.

سابعا: تقليله من شأن أهل العلم عامة، والمحدثين خاصة.

وبدون مبالغة لا يكاد مؤلف من مؤلفات الدكتور يخلو من همز ولمز للسلف الصالح، بل قل تصريحا في سيل من التهم الموجهة لهم، فهو يرى أنهم أتباع سلاطين، وعلماء جماهير، يتلقون علمهم ـ خاصة المفسرون منهم ـ من قصص أهل الكتاب بدافع حب المعرفة لما عندهم، ثم انتقل ذلك إلى مؤلفاتهم، وكذلك أنهم استخدموا الأسانيد في تركيبها على أحاديث لترويج مذاهبهم الفقهية أو العقائدية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير