تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن ذلك تفسيره لقوله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم " قال: .. هو إلى أمة المسلمين وقتئذ، وفي ذلك الوقت بدليل كلمة " اليوم " فالاستشهاد بالآية في استبعاد التدرج عند دعوة غير المسلمين أو من في حكمهم ممن اجتذبتهم الجاهلية الحديثة عن دينهم، ويراد إعادتهم إليه .. هو استشهاد لا يستقيم، ويكون في غير محله .. " [45] ا. هـ

تاسعا: عدم النظر لأسباب النزول.

أسباب النزول من الأمور المهمة في تفسير كتاب الله " وقد اعتنى بذلك المفسرون في كتبهم وأفردوا فيه تصانيف منهم على بن المديني شيخ البخاري ومن أشهرها تصنيف الواحدي في ذلك وأخطأ من زعم أنه لا طائل تحته لجريانه مجرى التاريخ وليس كذلك بل له فوائد منها وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم، ومنها تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب، ومنها الوقوف على المعنى قال الشيخ أبو الفتح القشيري بيان سبب النزول طريق قوى في فهم معاني الكتاب العزيز وهو أمر تحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا " [46].

وكل ذلك غير معتبر عند الدكتور فإن أسباب النزول لها تعلق بالأحاديث وهي طريق التهمة عنده، فقال: " هذه أمثلة عارضة فحسب تبين أن تفسير القرآن طبقا لأسباب النزول يمكن أن يغير المعنى، أو يذهب به، فإذا كان المعول والعمل هو بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ فإن أسباب النزول تكون فضولا ولا معنى لها وككل فضول فإنها تكون على حساب الهدف المطلوب على وجه التحديد بحيث تميعه، وإذا كانت أسباب النزول تحمل المفسرين على أن يجعلوا العبرة بخصوص السبب كما يتضح ذلك من أن ابن عباس عندما قدم سبب النزول " لا تحسبن الذين يفرحون بما أوتوا ... الآية " قال: أولا " مالكم ولهذه الآية إنما دعا النبي يهود فسألهم ... الخ إذا كانت أسباب النزول ستقصر العمل على خصوص السبب فإنها ستذهب بالقرآن ككتاب هداية للناس كافة إلى يوم يبعثون وتجعله كتاب قصص وحكايات " [47] ا. هـ.

فقد قصر فائدة سبب النزول على إمكانية تعميمه أو تخصيصه، ولأن العبرة بالعموم فلم يعد لها فائدة، فأخطأ في الأصل ثم كان خطؤه في الفرع تبعا لذلك، ومن يطالع نصوص أهل العلم في كتب علوم القرآن يعلم أن فوائد معرفة أسباب النزول لها أعظم الأثر في معرفة التفسير، ومن ذلك:

" قوله تعالى " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتا أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به " الأنعام 145.

فظاهرها يقتضي الحصر بينما من عرف سبب نزولها عرف أن الآية لا تعني التخصيص من عدمه " قال الشافعي ما معناه في معنى قوله تعالى قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما الآية إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله، وكانوا على المضادة والمحادة جاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قال لا حلال إلا ما حرمتموه، ولا حرام إلا ما أحللتموه، نازلا منزلة من يقول لا تأكل اليوم حلاوة فتقول لا آكل اليوم إلا الحلاوة والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة، فكأنه قال لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، ولم يقصد حل ما وراءه إذا القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل، قال إمام الحرمين وهذا في غاية الحسن ولولا سبق الشافعي إلى ذلك لما كنا نستجير مخالفة مالك في حصر المحرمات فيما ذكرته الآية، وهذا قد يكون من الشافعي أجراه مجرى التأويل ومن قال بمراعاة اللفظ دون سببه لا يمنع من التأويل " [48]

وانتقد الدكتور كذلك ما يعده أهل العلم من المرفوع إذا قال الصحابي: آية كذا نزلت في كذا، واعتبر أن ذلك يفتح الباب أمام الروايات الموضوعة فقال: " ويبدوا أن المفسرين لأسباب النزول جعلهم يرتضون قول الصحابي في الحديث عن أسباب النزول ويعتبرون أن قول الصحابي إذا شهد الوحي والتنزيل عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا حديثا مسندا، كما أنهم اعتبروا المرسل من كلام التابعين مرفوعا، وقد يقبل إذا صح المسند إليه وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير أو اعتضد بمرسل آخر، وبهذا انفتح الباب روايات موضوعة،أو ضعيفة، أو نقولا من الكتب السابقة اعتقدوا صحتها باعتبارها من علم أهل الكتاب، وهناك رخصة بروايتها، ومعظم الذين رووا عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير طعون فيهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير