ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[16 Mar 2008, 05:11 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
أشكرك سيدي على اهتمامك بشخصي المتواضع، مع سمو شأنك و علو قدرك و كثرة مشاغلك ...
فما ذا عساي أقول أستاذي، سوى أنني و الحمد لله، تربيت في بيت علم، فحاولت أن أجعل من بيتي بيت تعلم ... و فعلا، و بدون مبالغة و لا تصنع، أعيش حياتي لأتعلم ...
قال لي والدي ـ رحمه الله ـ بعد أن عرضت عليه برنامج السنة الأولى من التعليم الفلاحي، و كان كله مواد تدرس باللغة الفرنسية، و ليس للغة العربية فيه سوى حصة يتيمة من ساعتين في الأسبوع، و طيلة مدة الدراسة الفلاحية، إلا أن والدي ببصيرته و فطنته و حبه و رعايته، لاحظ حماسي و انبهاري بهذه العلوم، فقال لي رحمه الله: " يا ولدي، اتق الله و اقرأ ما شئت و تيسر لك من علوم ... فإن لكل زمن رجال " ...
و ها أنا اليوم، و عمري ستين سنة بالتمام و الكمال، أعيش ذكرى ذلكم اليوم المشهود، و أرى وجهه والدي الرحيم الودود البشوش، و جلسته الوقورة المهابة، و هو يوصيني بتلكم الوصية الغالية الخالدة، كما اتذكر بالتفاصيل الدقيقة و بالألوان، من وراء سحابة دموع في المآقي، مكان و " ديكور " غرفة " مكتب" والدي بالمدرسة العتيقة للعلم الأصيل بأمزميز، و كان هذا الحدث الهام في حياتي، في يوم من أيام العطل المدرسية من سنة 1963 ... و كان رحمه الله مديرا و أستاذا بالمدرسة، و خطيب و إمام المسجد الأعظم بالمدينة، و مفتي ساكنتها ... و بمدينة أمزميز توفي والدي رحمه الله و بها دفن عام 1964، رحمه الله و غفر له، هو و رفيقة حياته، و أسكنهما فسيح جناته ... آمين آمين يا رب العامين ...
و من ذلك اليوم، و إلى يومنا هذا ... و أنا أجد و أجتهد لأتعلم من كل علم أرى فيه فائدة أو أجد حاجة لتعلمه ... بعدها لا أبالي بثمن التعلم ... يكفي أن أملك الثمن لأبذله عن طيب خاطر ... و لا أبالي ببعد المطلوب، يكفي أن أطمع في الوصول لأجد في السير اتجاهه ...
لذا تيقنت من حاجتي الحيوية للغتي العربية، أمام طغيان الفرنسية في حياتي الدراسية الكلاسيكية، فعملت بجد و نشاط على تعلم ما تيسرمن موادها الأساية: نحوها و صرفها و بيانها، نثرها و شعرها ... بل و قضيت السنين و السنين في البحث عن أسماء النبات في الشعر العربي، و في الشعر الجاهلي منه خاصة، و كان ذلك قبل ظهور الحاسوب في محيطي بسنين، فكانت ـ و ما زالت ـ مناسبة لا تعوض قرأت خلالها العشرات من الدواوين و العشرات من المؤلفات المختصة في الموضوع، مع البحث الدؤوب عن معاني الألفاظ في أشهر المعاجم ... و في بيتي ....
احتفظت من خزانة والدي بعدة مخطوطات، بعد أن وهبنا كل كتب خزانته لأئمة مساجد حينا بمراكش، و لأصدقائه من العلماء ... و لما كبرت و أدركت قيمة ما بقي بين يدي من ثلكم الكنوز ... تعلمت تقنية التجليد reliure la، و تقنية التذهيب la dorure ، تحت إشراف و برفقة أمين الحرفتين بمراكش، أستاذي و صديقي المرحوم الجلالي بن عبد المالك مكشاد، رحمه الله و جزاه عني كل خير ... و كان المقصود من تعلمي للتقنيتين كهوايات في أوقات الفراغ، العناية بتلكم المخطوطات و بباقي كتب خزانتي ...
و تيقنت من حاجتي لمعرفة كتاب الله و سنة رسوله فتعلمت ما تيسر لي و في بيتي مع الإستعانة بكل وسيلة ممكنة و فيها فائدة، فتعلمت ما تيسر من أحكام التجويد ... و علم القراءات، و علم عدد الآي، و الرسم، و الوقف ... و شغلي الشاغل الآن، تعلم ما تيسر من علم مصطلح الحديث، باعتماد شرح الفيتي العراقي و السيوطي، و شرح البيقونية ...
و من فضل ربي و جوده و كرمه علي، أن تنال كتاباتي قبول و استحسان قرائها، و جلهم أكثر مني علما و أعلى منزلة ... و لله في خلقه شؤون.
و من فضل الله و كرمه أن توج هذا الجهد بهدايته لي إلى إنجازات لم أسبق إليها كما يقال، أرجو أن تكون من العلم النافع، و أن يتقبلها الله مني، و يكتب أوفر نصيب من أجر ما تقبل منها في ميزان حسنات والدَيَّ و زوجتي ...
و من تلكم الإجازات ما يلي:
¥