تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والدكتور علي محمد نصر فقال:"هو سبق القرآن الكريم العلماء فيما وصلوا إليه من علوم كونية باشاراته إلى ما وقفوا في بحوثهم عنده خاضعين لعظمته معترفين بسبقه وتبريزه " ([17]).

الفرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي:

من خلال التعريفات السابقة نجد أن هناك فرقا بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي من جهة، وتوافقا واتصالا من جهة أخرى.

أما الفرق فهو أن التفسير العلمي: هو كشف عن معاني الآية الكريمة أو الآيات أو بعضها في ضوء ما ترجحت صحته من نظريات العلوم الكونية "

والإعجاز العلمي " هو إخبار القرآن الكريم بحقيقة علمية أثبتها العلم أخيرا، وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم

وأما العلاقة والاتصال فهي " أن التفسير العلمي طريق إلى الإعجاز العلمي وبدون التفسير العلمي لا يمكن الوصول إلى الإعجاز العلمي ([18]).

العلاقة بين معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم والتفسير العلمي:

لكل نبي من الأنبياء آية أو معجزة تدل على صدق نبوته قال تعالى: (ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب) [إبراهيم: 9].

ولكل رسول معجزة تناسب قومه ومدة رسالته، فلما كان الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم يبعثون إلى أقوامهم خاصة ولأزمنة محددة فقد أيدهم الله ببينات حسية مثل عصا موسى عليه السلام، وإحياء الموتى بإذن الله على يد عيسى عليه السلام وتستمر هذه البينات الحسية معهم محتفظة بقوة إقناعها في الزمن المحدد لرسالة كل رسول فإذا حرف الناس دين الله بعث الله رسولا آخر بالدين الذي يرضاه وبمعجزة جديدة وبينة مشاهدة.

ولما ختم الله تعالى النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وضمن له حفظ دينه أيده بالمعجزة الكبرى القرآن الكريم التي تبقى إلى يوم الدين.

قال تعالى: (قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ .. ) [الأنعام: 19] ومن ذلك ما يتصل بالإعجاز العلمي فمعنى الآية: أوحي إلي هذا القرآن لأنذر به المخاطبين وهم أهل مكة وأنذر كل من بلغه القرآن من العرب والعجم إلى يوم القيامة ([19]).

وقال رسول الله صله الله عليه وسلم:

"ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " ([20]). ومن معاني هذا الحديث: أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقرض أعصارهم ومعجزة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مستمرة إلى يوم القيامة ([21]).

وقال تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) [فصلت: 53]

وقال تعالى: (إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين) [ص: 87 - 88].

قال الفراء في الحين الذي ذكرته الآية: إنه بعد الموت وقبله، أي لتظهر لكم حقيقة ما أقول لكم (بعد حين) يعني في المستأنف.

وقال تعالى: (لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون) [الأنعام:67] والمعنى: لكل خبر في القرآن حقيقة وسوف تعلمون صحة ذلك عاجلا أم آجلا.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فالقرآن الكريم نزل باللغة العربية وغير العرب لا يفهمون القرآن الكريم والإنسانية كلها بجميع شعوبها على اختلاف ألوانهم ولغاتهم مخاطبون بالقرآن.

والقرآن حجة على العباد ولا تثبت لهم الحجة إلا إذا ثبت لهم إعجازه ولذلك لابد أن يكون لإعجاز القرآن الكريم نواح أخرى غير النواحي اللغوية والبلاغية.

ويعتبر هذا الأمر من أهم وأبرز دوافع الإعجاز العلمي في هذه الأيام.

وعلى الرغم من وضوح هذا الأمر وأهميته في الدعوة نجد اختلافا واضحا بين علماء المسلمين تجاه جواز هذا اللون من التفسير، فمنهم من يرى فيه فتحا جديدا وتجديدا في أساليب الدعوة وهداية الناس، ومنهم من يرى عكس ذلك تماما فيرى أن هذا اللون من التفسير يضر بالقرآن لأنه يخرج به عن الغاية التي أنزل من أجلها، وقد كان لكل فريق حجته ودليله وبالتحقيق يظهر جواز التفسير العلمي ولكن بشروطه، ولهذا السبب علينا أن نتعرف مآخذ العلماء على التفسير العلمي حتى نصل إلى القواعد والضوابط.

المبحث الثاني

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير