5. البدء بما يتعلق بالألفاظ المفردة من اللغة والصرف والاشتقاق مع ملاحظة المعاني التي كانت مستعملة زمن النزول قال الإمام الزركشي: (الذي يجب على المرء البداءة به العلوم اللفظية وأول ما يجب البداءة به منها تحقيق الألفاظ المفردة فتحصيل معاني المفردات من ألفاظ القرآن من أوائل المعادن لمن يريد أن يدرك معانيه وهو كتحصيل اللبن من أوائل المعادن في بناء ما يريد أن يبنيه ([41]).
وقد اشترط كل من الإمام محمد عبده والسيد رشيد رضا في تحقيق المفسر للألفاظ أن يتتبع الألفاظ في الملة ليفرق بينهما وبين ما ورد في كتاب الله العزيز لأن كثيراً ما يفسر المفسرون كلمات القرآن بالإصلاحات الحادثة في الملة ولذلك كان على المدقق أن يفسر القرن بحسب المعاني التي كانت مستعملة في عصر تنزله ([42]).
6. تقديم المعنى الحقيقي على المعنى المجازي بحيث لا يصار إلى المجاز إلا إذا تعذرت الحقيقة.
قال الإمام الغزالي: "إذا دار اللفظ بين الحقيقة والمجاز فاللفظ للحقيقة إلى أن يدل الدليل على أنه أراد المجاز" ([43]).
وقال ابن جزي: "الحقيقة أولى أن يحمل عليها اللفظ عند الأصوليين وقد يترجح المجاز إذا كثر استعماله حتى يكون اغلب استعمالاً من الحقيقة ويسمى مجازاً راجحاً والحقيقة مرجوحة" ([44]).
7. يجب مطابقة التفسير للمفسر من غير زيادة ولا نقص ومراعاة التأليف بين المعاني والغرض الذي سيق له الكلام ([45]).
8. يجب مراعاة التناسب بين السابق واللاحق بين فقرات الآية الواحدة وبين بعضها بعضاً.
9. يجب بيان المعنى المراد والأحكام المستنبطة من القرآن في حدود قوانين اللغة والشريعة والعلوم الكونية.
10. يجب مطابقة التفسير لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في هديه وسيرته لأنه صلى الله عليه وسلم هو الشارح المعصوم للقرآن بسنته الجامعة بأقواله وأفعاله وشمائله وتقريراته ([46]).
11. يجب على المفسر أن يراعي قانون الترجيح عند الاحتمال وهو ما بينه السيوطي في الإتقان بقوله: (كل لفظ احتمل معنيين فصاعداً فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه وعليهم اعتماد الشواهد والدلائل دون مجرد الرأي فإن كان أحد المعنيين أظهر وجب الحمل عليه إلا أن يقوم دليل على أن المراد هو الخفي وإن استويا والاستعمال فيهما حقيقة، لكن في أحدهما حقيقة لغوية أو عرفية وفي الآخر شرعية فالحمل على الشرعية أولى إلى أن يدل دليل على إرادته اللغوية كما في قوله تعالى (وصلِ عليهم إن صلاتك سكنٌ لهم) [التوبة:103] ولو كان في أحدهما عرفية والآخر لغوية فالحمل على العرفية أولى، وإن اتفقا في ذلك أيضا،ً فإن تنافى اجتماعهما ولم يمكن إرادتهما باللفظ الواحد كالقرء للحيض والطهر اجتهد في المراد منهما بالإمارات الدالة عليه) ([47]).
12. يجب الابتعاد عن تفسير القرآن الكريم بمجرد الرأي:
قال العلماء: تفسير القرآن بمجرد الرأي حرام لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار" ([48]).
وقد نقل الإمام السيوطي عن ابن النقيب خلاصة ما جاء في معنى هذا الحديث فقال: جملة ما تحصل في معنى حديث التفسير بالرأي خمسة أقوال:
أحدها: التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها التفسير.
الثاني: تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله.
الثالث: التفسير المقرر للمذهب الفاسد، بأن يجعل المذهب أصلاً والتفسير تابعاً.
الرابع: التفسير أن مراد الله كذا على قطع من غير دليل.
الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى ([49]).
هذه هي أهم شروط التفسير بالرأي بشكل عام وأما الآن فمع شروط التفسير العلمي بشكل خاص، وهي:
1 - أن يجمع المفسر إلى الآية التي يريد تفسيرها جميع الآيات التي وردت متعلقة بموضوعها، لأن جمع الآيات يعين على التفسير الصحيح والوصول إلى الحقيقة.
2 - أن يجمع إلى الآية ما يتعلق بموضوعها من الأحاديث الصحيحة، لأنها قد تقيد مطلقها أو تبين مجملها أو تحدد معنى اللفظ بمعنى جديد استحدثه الإسلام، ومثل هذا إنما يعرف من صاحب الشرع. قال الدكتور محمد الزفزاف: (يجب ألا نخوض في الآية قبل أن نجمع إليها من الأحاديث أو الآيات ما يتعلق بموضوعها حتى تتحقق الوحدة التي على ضوئها ينتظم الفهم ويتبين الحكم) ([50]).
¥