[هل هي واو القسم أم واو العطف؟]
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[30 - 07 - 2008, 04:49 ص]ـ
(والليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلى)
لا يوجد خلاف في أن الواو الأولى - {والليل} - هي واو قسم.
الخلاف بين العلماء حول الواو الثاني في {والنهار} , فمنهم من ذهب إلى أنها واو قسم, ومنهم من رأى غير ذلك, حيث يرى هؤلاء العلماء أن الواو المتكررة هي للعطف.
وقد ذهب سيبيويه والخليل إلى إلى اعتبار أن الواو المتكررة ليست بواو قسم, فقد ذكر سيبويه في الكتاب:
" وقال الخليل في قوله عزّ وجلَّ: " والليل إذا يغشى. والنَّهار إذا تجلى. وما خلق الذَّكر والأنثى ": الواوان الأخريان ليستا بمنزلة الأولى، ولكنهما الواوان اللتان تضمّان الأسماء إلى الأسماء في قولك: مررت بزيدٍ وعمروٍ، والأولى بمنزلة الباء والتاء. ألا ترى أنَّك تقول: والله لأفعلنَّ ووالله لأفعلنّ، فتدخل واو العطف عليها كما تدخلها على الباء والتاء." (1)
ويقول سيبويه:
قلت للخليل: فلم لا تكون الأخريان بمنزلة الأولى؟
فقال: إنَّما أقسم بهذه الأشياء على شيء واحد، ولوكان انقضى قسمه بالأوّل على شيء لجاز أن يستعمل كلاماً آخر فيكون، كقولك: بالله لأفعلنّ، بالله لأخرجنّ اليوم، ولا يقوى أن تقول: وحقِّك وحقِّ زيد لأفعلنّ، والواو الآخرة واو قسم، لا يجوز إلا مستكرها، لأنَّه لا يجوز هذا في محلوف عليه إلا أن تضمّ الآخر إلى الأول وتحلف بهما على المحلوف عليه. " (2)
وقد أيد جمع من العلماء منهم الرضي والزمخشري, وأبو
البقاء العكبري, ما ذهب إليه الخليل وسيبويه.
يفول الرضي: " مذهب سيبويه والخليل، أن المتكررة واو العطف وقال بعضهم هي واو القسم، والأول أقوى" (3)
وقد علل ذلك بقوله:
" وذلك لأنها لو كانت واو القسم لكانت بدلا من الباء ولم تفد العطف وربط المقسم به الثاني وما بعده بالأول، بل يكون التقدير: أقسم بالليل، أقسم بالنهار: أقسم بما خلق، فهذه ثلاثة أيمان كل واحد منها مستقل، وكل قسم لابد له من جواب، فتطلب ثلاثة أجوبة، فإن قلنا حذف جوابان استغناء بما بقي بعد الحذف، فالحذف خلاف الأصل، وإن جعلنا هذا الواحد جوابا للمجموع، مع أن كل واحد منها، لاستقلاله، يطلب جوابا مستقلا، فهو، أيضا، خلاف الأصل فلم يبق إلا أن نقول: القسم شئ واحد، والمقسم به ثلاثة، والقسم هو الطالب للجواب، لا المقسم به، فيكفيه جواب واحد. فكأنه قال: أقسم بالليل والنهار وما خلق: ان سعيكم لشتى) 1، أي أقسم بهذه الثلاثة: ان الأمر كذا، وأيضا، فانك تقول مصرحا بالعطف: بالله فالله لأفعلن، وبحياتك ثم حياتك لأفعلن، ولا تقول: أقسم بالله، أقسم بالنبي صلى الله عليه وسلم لأفعلن، والحمل على ما ثبت في كلامهم أولى، واعترض على كون واو العطف، بلزوم العطف على عاملين، لأن النهار اذن، يكون معطوفا على الليل، وإذا تجلى، معطوف على: إذا يغشى، والعاطف واحد، أجاب جار الله بأن قال: الواو كأنها عوض عن حرف القسم وفعله معا، وذلك لأنه، لكثرة ما استعمل في القسم، لم يستعمل الفعل معه، فصار، لما لم يجامع الفعل، كأنه عوض من الفعل، أيضا، كما أنه عوض من الحرف، فقوله: والنهار، كأنه معطوف على عامل واحد. " (4)
--
هوامش:
(1) الكتاب لسيبويه, تحقيق د. إميل بديع يعقوب - المجلد 3 - ص 557
(2) المصدر السابق.
(3) شرح الكافية للرضي , تحقيق د. إميل بديع- باب أحرف القسم. المجلد 4 ص 314
(4) شرح الكافية للرضي , تحقيق د. إميل بديع- باب أحرف القسم. المجلد 4 ص 314 - 315
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[30 - 07 - 2008, 07:56 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الدرر التي أتحفتنا بها.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[30 - 07 - 2008, 09:03 ص]ـ
جزيت حيراً د. ابراهيم على هذا اللفتات.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[05 - 08 - 2008, 10:24 ص]ـ
ألا ترى أستاذنا أن في القرآن ما يؤيد مذهب الشيخين فانظر معي هذه الآيات
ٹ ٹ ژ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ژ العاديات
ولمن لم يركب خطوط المصحف عليه النظر في سورة العاديات.
صحيح أن المقسم به هو شيء واحد في الآيات الثلاث لكن هل لهذا أثر في تغير حرف العطف.
وشكرا
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[31 - 08 - 2008, 03:20 م]ـ
فائدة جليلة.