تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في أُسلوب التحذير

ـ[محمد سعد]ــــــــ[01 - 07 - 2008, 11:38 ص]ـ

يقولون في التحذير (إياك الأسد) و (إياك الحسد) ووجه الكلام إدخال الواو على الأسد والحسد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "إياك ومصاحبة الكذاب فإنه يقرب عليك البعيد ويبعد عنك القريب"

وكما قال الشاعر:

فإياك والأمر الذي إن توسعت =موارده ضاقت عليك المصادر

والعلة في وجوب إثبات الواو في هذا الكلام أن لفظ إياك منصوبة بإضمار فعل تقديره "اتق أو باعد" واستغنى عن إظهار هذا الفعل لما تضمن هذا الكلام من معنى التحذير وهذا الفعل إنما يتعدى إلى مفعول واحد فإذا كان قد استوفى عمله ونطق بعده باسم آخر لزم إدخال حرف العطف في معموله عليه كما لو قلت اتق الشر والأسد، اللهم إلا أن يكون المفعول الثاني حرف جر كقولك إياك من الأسد أي باعد نفسك من الأسد فإن قيل فكيف يجوز أن يقال إياك والأسد فيأتي بالواو التي معناها الجمع بين الشيئين وأنت إنما أمرته أن يباعد نفسه ولم تأمره أن يباعد الأسد فالجواب عنه أنه إذا باعد نفسه من الأسد كان بمنزلة تبعيده الأسد وقد جوز إلغاء الواو عند تكرير لفظة إياك كما استغنى عن إظهار الفعل مع تكرير الاسم في مثل قولك الطريق الطريق وأشباهه وعليه قول الشاعر:

فإياك إياك المراء فإنه = إلى الشر دعاء وللشر جالب

فإن قلت إياك أن تقرب الأسد فالأجود أن تلحق به الواو لأن أن مع الفعل بمنزلة المصدر فأشبه قولك إياك ومقاربة الأسد ويجوز إلغاء الواو فيه على أن تكون أن وما بعدها من الفعل للتعليل وتبين سبب التحذير فكأنك قلت أحذرك لأجل أن تقرب الأسد وعليه قول الشاعر:

فبح بالسرائر في أهلها = وإياك في غيرهم أن تبوحا

ومما ينخرط في سلك هذا الفن أنهم ربما أجابوا المستخبر عن الشيء بلا النافية ثم عقبوها بالدعاء له فيستحيل الكلام إلى الدعاء عليه كما روى أن أبا بكر الصديق: r عنه رأى رجلاً بيده ثوب فقال له أتبيع هذا الثوب فقال: لا عافاك الله فقال لقد علمتم لو تتعلمون هلا قلت: لا وعافاك الله

ومن المستحسن في مثل هذا قول يحيى بن اكتم للمأمون وقد سأله عن أمر فقال: لا وأيد الله أمير المؤمنين حكى أن الصاحب أبا القاسم بن عباد حين سمع هذه الحكاية قال والله لهذه الواو أحسن من واوات الأصداغ في خدود الملاح

ـ[أبو ريان]ــــــــ[02 - 07 - 2008, 01:00 م]ـ

اخي محمد

والعلة في وجوب إثبات الواو في هذا الكلام أن لفظ إياك منصوبة بإضمار فعل تقديره "اتق أو باعد" واستغنى عن إظهار هذا الفعل لما تضمن هذا الكلام من معنى التحذير وهذا الفعل إنما يتعدى إلى مفعول واحد فإذا كان قد استوفى عمله ونطق بعده باسم آخر لزم إدخال حرف العطف في معموله عليه كما لو قلت اتق الشر والأسد،

ينبغي التفريق بين أمرين الاستعمال اللغوي الفعلي والتقدير النحوي الافتراضي الأول مقدّم على الثاني وليس الثاني إلا صورة مقاربة ومحاولة تفسيريّة تبتغي إيضاح العلاقات بين أجزاء الجملة والوفاء بمطلبها الشكلي وفق إيحاءات نظرية العامل بالدرجة الأولى حتّى لو أدّت إلى أختلال المعنى لذلك قد يحصل فرق بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى

ومن هنا فالتعليل لورود نمط استعمالي معيّن باقتضاءات التقدير الإعرابي أمر يحتاج إلى إعادة نظر، والمعيار الأنسب لفصاحة الاستعمال هو كثرته أو كثرة نظائره وليس موافقته لإملاءات الصنعة النحوية

أشكرك أخي محمد على بعث هذه الفكرة، وفقّك الله!

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير