تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والله أعلم) اهـ.

ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 11:15 ص]ـ

السلام عليكم جميعًا ورحمة الله وبركاته

نظرًا لما يطرح في هذا المنتدى من آراء نحوية جريئة ومخالفة لما أجمع عليه نحاتنا الأفاضل حبذا أن نناقش أصلاً من أصول النحو المعتبرة ألا وهو الإجماع وسأبدأ بنص للرماني أتبناه وأنتظر رأيكم.

قال الرماني في شرحه للكتاب رادًا على من زعم أن همزة ((أفكل)) أصلية: ((فإن التزم هذا خالف جميع النحويين واكف بذلك عيبًا مخالفة جميع أهل الصناعة، كما لو خالف مخالف في مسألة من الهندسة جميع أهل الصناعة لكان ذلك عيبًا، وكذلك لو خالفهم في مسألة قد أجمعوا عليها في الجبر والمقابلة، ومنزلته كمنزلة من خالف جميع العقلاء في أمر من الأمور وادعى أن عقله فوق جميع العقول، وكفى بهذا عيبًا وخزيا)) انظر: الرماني النحوي 281 نقلاً عن شرح الكتاب للرماني.

من المعلوم أنّ مخالفة ما أجمع عليه النحاة قبيح ومردود عند أهل هذا الفن، كما أنّ مخالفة العروضيين في بحور الشعر قبيح ومردود عندهم. ...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته, وبعد؛

فأشكرك أخي الكريم الفراء؛ على فتح هذه النافذة, و أشكر كلَّ مَن نَّافح عن العربيّة لغة القرآن؛ في وقتٍ يُستباح فيه حماها ـ في حصنٍ من حصونها ـ و يُخالَفُ فيه إجماعُ علمائها؛ بحجج واهيةٍ لا تقوم عند العارفين بأصولها, و قواعدِ النظر فيها؛ باسم (الاجتهاد) تارةَ , و (التطوّر اللغوي) تارةَ أخرى, أو بدعوى وجوب التحرر من قيود النظر القديم, واستصحاب العقل الجديد الحرّ, والنظر في مسائل العربيّة بما ينظر إليه سائرُ الأمم في لغاتها!.

وقد أحسن أبو قصيٍّ ـ أحسن الله إليه و نصره بنَصرِهِ لغةَ كتابِه ـ أحسن أيّما إحسانٍ في بيان بطلان مذهبهم, وخطر مسلكهم؛ و قَصَّر حُماةُ الفصيح الذائدون عنه في نصرِ فصيحِهم, و قبولِ نصيحِهم, و فَتَنَهُم عن الحكم بين العمى و الهُدى, أو الهوى و الحقّ =المبالغةُ في تَطَلُّبِ ما يقتضيه أدب الحوار من الرفق و لطافة الأسلوب؛ و لو نظروا من بابتهم هذه إلى قول أولئك المخالفين ـ بغير علمٍ ـ لإجماع اللغويين, بل لإجماع المفسرين؛ لرأوا مقدار ما أساءوا به إليهم ,و لهالهم ما لحق أصول النظر في العربيّة, و كتابها العظيم = من فسادٍ عريضٍ, إذا تبيّنَهُ أولوا العلم من أهلها جاز على مَنْ هم دونهم؛ فهدم من حيث ادّعى البناء, وأفسد من حيث تزيّا بالإصلاح والتجديد! فأنّى يُنصرُ الفصيحُ و أهلُه ,إنْ كانوا في دارهم يُفتَنون! ثمَّ لم يجدوا إلا أنْ قالوا: إنّهم مجتهدون فقارِعوا (الحُجّةَ) بالحُجّة؛ فلمّا أنْ جاءهم (البشير) يطلبُهم بيان (حُجَّتِهم) لاذوا بأوهن الأقوال, بل ادّعوا عدم فهم السؤال؟!

فيا أهلّ الفصيحِ: فَصِيحَكُم!

فأمّا حُكْم ُمخالفة إجماع أهل اللغة؛ فإنّها ليست قبيحة و مردودة على إطلاقها , وإلّا لاطّرحنا كثيرًا من آراء النحاة المعتبرين عند أهل الصناعة, و العلوم التي لا تجديد فيها علومٌ ميّتةٌ لا حياةَ فيها, و لا يكون ذلك بغير ما يعرفه أهلُ كلِّ صناعةٍ = من ضوابط النظر وأصول الاجتهاد!

و لكن المذموم المرود من ذلك مخالفة ما أجمع عليه النحويون ـ بلا هُدًى ولا كِتابٍ مُنير, وبالرأي الفطير؛ يجوز على الغِرّ الصغير؛ فيظنّه اجتهادًا غير مسبوقٍ, و هو أوهى شأنًا من أنْ يُرَدَّ عليه!

إنّ المخالفة في ذاتها ليست أمرًا منكرًا, ولكن المُنكَرَ منها هو ما لايقوم على أصلٍ من أصول النظر في العربيّة, و لا يَستَمسِك بعروةٍ من عُراها؛ فذاك أقرب إلى التخليط منه إلى الاجتهاد في العلم؛ فكيف إذا فُتِح هذا الباب لكلِّ أحدٍ أنْ يقول في اللسان العربي بما ليس من أصول اللسان العربي, فيَحُلَّ عُراه عروةً إِثْرَ أخرى , ويَنقُضَ أصولَه أصلًا بعد أصل؛ حتى لا يبقى للعربية عروةٌ يُستمسك بها, و لا أصلٌ يُرجعُ إليه؛ و أنْ يُفضي ذلك إلى أنْ يصير اللسان العربيّ الذي به يُفهم كلامُ الله العربيّ المبين و كلامُ رسوله العربيّ الفصيح:= =محكومًا بأصول الإفرنجة و قواعد لغاتهم؟! إنّ هذا لشىءٌ عُجاب!

و أَعْجَبُ منه أن يظنَّ ظانٌّ أن الكلامَ في العربيّة بما ليس منها = أمرٌ دنيويٌ لا يقدح في دينٍ و لا يتَّصِل بملّة, و أنْ يغيبَ عنه أنَّ هذا لو جاز في لغات جميعِ أهل الأرض؛ فلا يجوزبحالٍ تَوَهُّمُ مِثلِه في العربيّة!

فيا أهلَ الفصيح: فصيحَكم؛ فإنّها ليست لغةً تُستباح, ولكنّه دينٌ يُفتَى فيه بين ظهرانيكم بغير الحقِّ!

ألا هل بلّغتْ؛ اللهم فاشهد!

ملحوظة:

(لم أقتبس شواهدَ بعض ما أوردتُّ لأمرين: فشوّها بما لا يُحتاج معه إلى دليل, و أنّي إنّما أردتُّ التنبيه على عِظَمِ خطر هذا المسلك و بيان ضرره المُبيرعلى العربيّة و أهلها ,الذي إنْ لمْ يُنتبه إليه أفضى إلى عزل شداة العلم عن تراثهم العظيم, وإثارة الشكوك والبلبلة والخلخلة في عقول أبناء العربيّة, وقد قالها أحدهم, فما كان من ذاك (المجدّد) إلّا أنْ ادّعى أن ما يجده من الخلخلة أمرٌ طَبْعيٌّ وأنَّ عليه أنْ يستسلم لما يُلقى إليه من ذلك (العِلْم الجديد) والّا يبقى جامدًا على ما تلقّاه و الِفَهُ مِن أصولِ لغتِه!).

اللهم أَرِنا الحقَّ حقًّا؛ و ارزقنا اتّباعَه!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير