2 - وذكر الزمخشري أن الواو في قوله تعالى: (الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار .. الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار) .. آل عمران
(16 - 17).
هنا تكررت الواو بين الصفات .. وذلك للدلالة على كمالهم في واحدة منها.
أي من كان يكمل في صفة لا يكمل في الصفة الأخرى .. هم مسلمون وقد تكون فيهم هذه الصفة الأخرى إلا أنها لا تبلغ درجة الكمال.
3 - يقول تعالى: (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين) ... سورة التوبة (112).
ونرى ترادف الصفات من غير واو .. للإشارة إلى أنهم جامعون لهذه الخصال .. وأنها مجتمعه فيهم وكأنها صفة واحدة.
وعطف الآمرون بالمعروف والناهون ............... لما بين هذه الصفات من تضاد بين المعروف والمنكر.
4 - وفي سورة التحريم قال تعالى: (عسى ربه إن طلقكنّ أن يبدله أزواجاً خيراً منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكاراً) ..
فنجد أن هذه الصفات قد توالت بلا عطف لاجتماعها فيهن .. إلا " ثيباتٍ وأبكاراً " لما بينهما من تضاد ..
5 - وردت صفات الله عز وجل في سورة الحديد معطوفة فقال تعالى: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) (3). وقيل في ذلك لأنها صفات متضادة. في حين أننا نجد تكرار صفات الله عز وجل في سورة الحشر بدون عطف ..
قال تعالى: (هو الله الذي لا إله إلا هو الملكُ القدوسُ السلامُ المؤمنُ المهيمنُ العزيزُ الجبارُ المتكبرُ سبحان الله عما يشركون) (23).
وفي حكم الله عز وجل الأمر مختلف لأنه يقال أن الصفات ترقى لمستوى الأسماء.
ولكن الحديث عن ذلك يطول .. وهناك وردت صفات أخرى غير متضادة ولكنها معطوفة. .
ولكن لدينا قاعدة تقول اختلاف المبنى يؤدى إلى اختلاف المعنى ..
أما بالنسبة للآية الكريمة .. فعند تتبعي للسياق تبين لي ما يلي والله به أعلم:
1 - في سورة البقرة قال تعالى: (صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون) (18).
كان سياق الحديث عن المنافقين .. فتتابعت الصفات دون عطف لوجود الصفات مجتمعة فيهم .. والدليل قوله: عميٌ فهم لا يرجعون.
2 - وفي آية (170 - 171) قال تعالى:
(وإذا قيلَ لهُمُُ اتبعوا ما أنزلَ الله - قالوا بل نتبعُ ما ألفينا عليه آباءنا .. أوَلو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون - ومثلُ الذين كفروا كمثلِ الذي ينعقُ بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً .. صمٌ بكمٌ عمىٌ فهم لا يعقلون) ..
وهنا سياق الحديث عن كفار قريش .. ويحكي قصة دعوتهم إلى الهدى وإصرارهم على ما هم عليه .. وحجتهم آباءهم ..
ويقول الحق .. أرأيتم إن كانوا لا يعقلون ولا يهتدون ...
وفي علمه تبارك وتعالى الغيب .. يخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أنهم لا يؤمنون .. فجمع الصفات دون عطف " صمٌ بكمٌ عميٌ – لاجتماعها فيهم.
ولو حذف (فهم) لجاز سياق المعنى .. إلا أنه أوردها تأكيداً لعدم إيمانهم في الآيتين.
ولم ترد الصفات الثلاث مجتمعة .. ودون عطف إلا في هاتين الآيتين.
3 - وفي سورة الأنعام قال تعالى: (والذين كذبوا بآياتنا صمٌ وبكمٌ في الظلمات – من يشإ الله يضلله – ومن يشأ يجعلهُ على صراط مستقيم) (39).
لا حظوا هذه الآية لم يرد فيها صفة العمى .. ؟؟ ويقول تبارك وتعالى: (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) الإسراء (72) .. والله أعلم.
وعطف بين الصفتين صمٌ وبكمٌ ....... دلالة على توفر صفة دون أخرى أو جمعوا بين الصفتين ولكن إحداهما غلبت على الأخرى.
والدليل على ذلك .. قوله تعالى: " من يشإ الله يضلله - ومن يشأ يجعلهُ على صراطٍ مستقيم ".
ولأنهم أعرضوا عن نداء الحق ... لم ينطقوا بالشهادة .. أو يكون العكس ..... .. فعلق الأمر بالمشيئة.- وهنا يكون الفرق بين الطائفة الأولى المنافقين، وهذه الطائفة الذين يعملون السوء بجهاله .. والله أعلم
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا – ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ....
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 05:54 م]ـ
شكرا لكم جميعاً.
أخي الفاضل أبو العباس وفقك الله، نعم من حقك أن تقتنع، وكنتُ أرى أن ينقل كلام الدكتور فاضل بالشرح لا بالنص.
وأنا سوف أشرح ما قاله الدكتور: ـ
قال الدكتور -وفقه الله - إن الفرق بين (صم وبكم) وَ (صم بكم) أن الأولى قسمتهم فجعلت بعضهم أصم وبعضهم أبكم، أما الآية الثانية فجميعهم صم وأيضاً بكم.
والتوضيح: ـ
لو قلتُ حضر سبعة رجال أطباء و غير أطباء.
فهل نستفيد هنا أن السبعة هم أطباء وفي نفس الوقت غير أطباء؟ الجواب لا. ولكن تم تقسيمهم فبعضهم أطباء وبعضهم غير أطباء.
ولو قلت: قابلت رجل طبيب غير طبيب ــــــــ فهنا تنطبق الصفتين على هذا الرجل حيث هو في الأصل طبيب ولكنني لم أقتنع به ولا بعلمه فوصفته بأنه غير طبيب.
والله أعلم
¥