ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 10:18 م]ـ
الشكر لكم أخوتي على ما أسلفتم من تفصيل
أخوتي , على كل حال , التأويل له أهله , ولا نريد أن نقحم أنفسنا فيما ليس من شأننا
ولكن أترون أنّ الله عزوجل يريد أن يقول: (بعضهم صمّ وبعضهم بكم)؟
والآية في معرض ذمّ المكذبين وتهديدهم
أم أنّه يصمهم جميعا بهذه الصفات؟
وبالنظر إلى أمّهات التفسير نرى أن المفسرين يتّجهون إلى تعميم هذه الصفات على كل المكذبين , فهم صم عن سماع الحق , وهم بكم عن الإقرار به
فالبكم أثرعن الصمم ونتيجة له
فمن كان أصمّا فهو أبكم بالضرورة
حتى على الحقيقة , نجد أنّ من ابتلي بالصمم غالبا ما يرافقه البكم أيضا , فهو أصم وأبكم في آن معا.
وانظروا إلى ما قاله الثعالبي في تفسيره: تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن:
"وقوله سبحانه: {وَ?لَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَـ?تِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ ... } الآية كأنه قال: وما من دَابَّةٍ، ولا طائر، ولا شَيْءٍ، إلاَّ وفيه آية منصوبة دالة على وَحْدَانِيَّةِ اللَّه ـــ تعالى ـــ ولكن الذين كَذَّبُوا بآياتنا صُمّ وبكم لا يتلقون ذلك، ولا يَقْبَلُونَهُ، وظاهر الآية أنها تعمُّ كل مُكَذِّبٍ."
وهذا ما جاء في قوله تعالى:"صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ .. " في سورة البقرة في كتاب (الإعجاز اللغوي والبياني في القرآن الكريم) لعلي بن نايف الشحود
"وكان ظاهر الكلام يقتضي أن يكون ترتيب هذه الصفات هكذا:" عميٌ، بكمٌ، صمٌّ "- كما في قوله تعالى:" وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً " (الإسراء:97) - ولكن جاء ترتيبها، على وفق حال المُمَثَّل له، خلافًا للظاهر:" صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ "؛ لأنه يسمع أولا دعوة الحقِّ، ثم يجيب ويعترف، ثم يتأمَّل ويتبصَّر.
وقيل: قدِّم الصَّمَم؛ لأنه إذا كان خَلقيًا يستلزم البَكَم، وأخِّر العمَى؛ لأنه- كما قيل- شامل لعمى القلب الحاصل من طرق المبصرات والحواس الظاهرة، وهو بهذا المعنى متأخر؛ لأنه معقول صِرْف، ولو توسَّط، حلَّ بين العصا ولحائها. ولو قدِّم، لأوهِم تعلقه بقوله:"لا يُبْصِرُونَ ".
مع أزكى التحيّة
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 10:40 م]ـ
لقد سبق وقلت: إنّ قوله تعالى " صم بكم " هي نفس قوله تعالى " صمّ وبكم " في المعنى لأنّ " بكم " في الأولى معطوفة على "صمّ" بحرف عطف محذوف , وقد أيّد الزجاج هذا الاتّجاه في إعرابه للقرآن فقال:
" ما جاء في التنزيل من حذف واو العطف
فمن ذلك قوله تعالى صمٌّ بكمٌ عمىٌ، والتقدير صم وبكم وعمى، كقوله في الأخرى صمٌّ وبكمٌ في الظلمات، فالتقدير فيه أيضا وفي الظلمات ومن ذلك قوله أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون، و أصحاب النار هم فيها خالدون، فحذف الواو وهكذا في جميع التنزيل من هذا النوع ومن ذلك قوله تعالى سيقولون ثلاثةٌ رابعهم كلبهم أي ورابعهم كلبهم وكذلك قوله ويقولون خمسةٌ سادسهم كلبهم أي وسادسهم دليل ذلك قوله ويقولون سبعةٌ وثامنهم كلبهم وكما ظهرت الواو هنا فهي مقدرة في الجملتين المتقدمتين، إذ ليست الجملتان صفة لما قبلهما ولا حالا ولا خبرا، لما تقدم في غير موضع، وإنما هما جملتان في تقدير العطف على جملتين ومن ذلك قوله تعالى ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم التقدير وأغويناهم ... "
الكتاب: إعراب القرآن
المؤلف: علي بن الحسين بن علي، أبو الحسن نور الدين جامع العلوم الأَصْفهاني الباقولي (المتوفى: نحو 543هـ)
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 01:03 ص]ـ
سبحان الله
ـ[تيما]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 01:28 ص]ـ
سبحان الله
تحياتي أستاذي
ماشي أعتذر وبشدة. لا أدري فلعلك تقصد شيئا من التسبيح هنا ولعلي فهمت ما تقصد .. واقبل شكري عن كل ما تفضلت به، فمداخلاتك أثرت النقاش حقيقة ..
أخي شتان
أشكرك على هذا النقل فإلى هنا كنت أود أن أصل. عندما أجريت المقارنة بين الآيتين بحثت فوصلت إلى هذه الإجابة ورغبت بسماع رأي أهل الفصيح حيال الموضوع ..
عزيزتي أنوار
رائع ما جئت به ... أثلجت صدري بمداخلتك والله ولعلي أقف عند بعض النقاط فيما بعد إن شاء الله ...
أستاذ محمد
أشكرك على التوضيح ...
ثم، أراني أميل إلى ما جاء به الأستاذ المقدسي هنا:
إنّ قوله تعالى " صم بكم " هي نفس قوله تعالى " صمّ وبكم " في المعنى لأنّ " بكم " في الأولى معطوفة على "صمّ" بحرف عطف محذوف
والله أعلم
.
.
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 03:13 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعاً
ونسأل الله عز وجل لنا جميعاً أن يدخلنا الجنة ويبعدنا عن النار وعن هذه الصفات.
ولكم جزيل الشكر