تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

((وهذا القول – يعني عدم وقوع الثلاث بكلمة أو كلمات إلا طلقة واحدة – منقول عن طائفة من السلف والخلف من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مثل الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، ويروى عن علي وابن مسعود وابن عباس القولان، وهو قول كثير من التابعين ومن بعدهم: مثل طاووس وخلاس بن عمر ومحمد بن إسحاق، وهو قول داود وأكثر أصحابه ويروى ذلك عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين وابنه جعفر بن محمد، ولهذا ذهب إلى ذلك من ذهب من الشيعة، وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة، ومالك، وأحمد بن حنبل)).

ثم قال – رحمه الله –:

((وهو الذي يدل عليه الكتاب والسنة، فإن كل طلاق شرعه الله في القرآن في المدخول بها إنما هو الطلاق الرجعي ... )) ا. هـ

والأدلة على ذلك ما يلي:

أولاً: قوله تعالى: ((الطلاق مرتان)) سورة البقرة، الآية رقم (229).

والطلاق المعتد به ما كان طلاقاً للعدة على وجه مباح مأذون، فيه ومن طلق ثلاثاً متتابعة فقد وقعت الثانية لغير العدة، لأنها لا تستأنف بها العدة، وهذا الطلاق مردود لقوله – صلى الله عليه وسلم –: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) أخرجه مسلم، في الأقضية، برقم (1718).

ثانياً: قوله تعالى: ((والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)) سورة البقرة، الآية رقم (228).

والقائلون بوقع الثلاث المتعاقبات يقولون إنها لا تستأنف العدة بالطلقة الثانية وهذا دليل على أنها ليس بطلاق وإلا لزم استئناف العدة بها أو مخالفة القرآن بإثبات طلاق بعد الدخول لا عدة فيه.

ثالثاً: قوله تعالى: ((يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة)) سورة الطلاق، الآية الأولى.

فالطلاق المأمور به ما كان في استقبال العدة، أما الطلاق التابع لطلاق آخر من غير رجعة بينهما لا تستقبل به العدة فلا يكون مأموراً به، وقد دل الحديث على أن من عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله فهو رد.

رابعاً: حديث ((كان الطلاق الثلاث على عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ... ))، أخرجه مسلم في الطلاق، برقم (1472).

وهذا الحديث عام فيشمل طلاق الثلاث المتتابعات، والطلاق بكلمة واحدة.

خامساً: حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – في طلاق ركانة لزوجته ثلاثاً في مجلس، وفيه قوله – صلى الله عليه وسلم –: ((فإنما تملك واحدة فراجعها إن شئت فراجعها))، أخرجه الإمام أحمد برقم (2387)، 1/ 265، وأبو داود في الطلاق برقم (2196)، و أبو يعلى، والحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي في مختاراته، التي هي أصح من صحيح الحاكم، كما قاله شيخ الإسلام – رحمه الله – في الفتاوى 33/ 13.

وقال– رحمه الله –: إسناده جيد، وله شاهد من وجه آخر رواه أبو داود. ا. هـ من الفتاوى 33/ 85.

وقال ابن القيم – رحمه الله – حكم الأئمة بهذا السند بعينه في حديث تقدير العرايا وأخذوا به وعملوا بموجبه ا. هـ من إغاثة اللهفان 1/ 287 – 288، وزاد المعاد 5/ 264.

وقال – رحمه الله –: ((وقد صحح الإمام أحمد هذا الإسناد وحسنه)) ا. هـ من الإعلام 3/ 31

فظاهر حديث كانة أدل على عدم وقوع الثلاث المتعاقبات منه على المجموعة بلفظ واحد بلا تكرار، وذلك من ثلاثة وجوه:

الأول: أنه هذا هو المتبادر إلى الذهن.

الثاني: أنه لو كان هناك فرق بين كونها بكلمة واحدة، أو كلمات لا ستفصل النبي – صلى الله عليه وسلم – منه، ولبَيَّن له ذلك.

الثالث: أنه لو كان بكلمة واحدة لذكر، لأنه أخص من كونه في مجلس واحد، ولا يترك الأخص إلى ما هو أعم.

وقد اعترف كثير من الموقعين للثلاث بأن الطلاق المذكور يشمل ما وقع متعاقباً.

سادساً: قوله – صلى الله عليه وسلم –: ((من عملا عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) أحرجه مسلم، في الأقضية برقم (1718).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير