ـ[ابن القاضي]ــــــــ[03 - 10 - 2008, 05:30 ص]ـ
أستاذ على المعشي؛ شكر الله لك؛ وهذا ما كنت أنشده، إثراء الموضوع بمشاركات جديدة تفتح لنا آفاقا واسعة.
ولي تعقيب على الحال الجامدة؛ فمعلوم أن الحال الجامدة، إما أن تؤول بمشتق بلا تكلف، أولا تؤول أصلا لما فيها من التكلف والخفاء نحو: (وتنحتون الجبال بيوتا)، (أأسجد لمن خلقت طينا)، (هذا بعلي شيخا)، هذا خاتم حديدا
وكل عام وانتم بخير
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[03 - 10 - 2008, 09:16 ص]ـ
أخي أبا العباس
لدي سؤال عابر
أليس التركيب في أصله (يا عجبا لها) فيكون الجار والمجرور متعلقًا بالعجب لأنه قيد له؟
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[03 - 10 - 2008, 10:47 ص]ـ
مرحبا أخوي العزيزين أبا العباس وابن القاضي
كل عام وأنتم بخير
لعل في الأمر سعة، وإن كان أكثر النحاة على أن (يا) في مثل هذا الموضع للتعجب، ونصب (دعوةً) على التمييز.
وأرى انتصاب (دعوة) على التمييز أولى من الحالية لسببين، أولهما أن الإبهام في (هاء الغيبة) أحوج إلى التمييز منه إلى الحال، إذ لو كان التقدير كما قال أخي ابن القاضي (هي سائرة في الأرض حال كونها دعوة) لظل الضمير بلا مرجع سابق ولا مفسر لاحق. وثانيهما أن اعتبار (دعوة) حالا جامدة مبينة لنوع صاحبها لا يستقيم فصاحبها ضمير مبهم ومرجعه غير معروف فكيف نحكم أنها من أنواع صاحبها، ولو أردنا تأويل (دعوة) بالوصف فما تأويلها؟
وأما قياس نصب (دعوة) على الحالية على تعليق الشيخ محيي الدين (من تمر) بحال من الضمير فأرى فرقا بين التوجيهين، فعبد الحميد عندما علق (من تمر) بحال من الضمير الكاف في (لك) كان قبل ذلك قد جعل اللام أصلية وعلق شبه الجملة (لك) بخبر محذوف لمبتدأ محذوف والتقدير عنده (لك شيءٌ) فالمبتدأ عنده محذوف (وليس الكاف)، ثم بعد ذلك عدّ (من) بيانية فعلقها بحال من الكاف بعد تمام الجملة. ثم ذكر وجها آخر أنه يصح اعتبار (من) زائدة، وعندئذ يكون (تمر) في محل رفع مبتدأ مؤخر، وشبه الجملة (لك) متعلق بخبره المقدم. وأشار إلى أن للتركيب أعاريب أخر.
لكن تجدر الإشارة إلى أن الأعاريب المحتملة للتركيب حال الجر بـ (من) كما في (من تمر) أكثر منها حال النصب كما في (دعوة) لأننا في الأخيرة سنجاوز من البيانية لأنها غير موجودة، وسنجاوز الزائدة وما يترتب عليها لأنها غير موجودة كذلك، وسينحصر النصب في التمييز والحال، وهنا لا بد من ملاحظة أمرين: أولهما: أن تعليق من البيانية ومجرورها (شبه الجملة) بحال محذوفة لا يطابق إعراب (دعوة) حالا لأن الحال في الصورة الأولى مشتقة مقدرة، أما في الصورة الثانية فهي جامدة غير غير مؤولة بالمشتق، ولا تعد من أنواع الحال غير المؤولة بالمشتق التي نص عليها النحاة.
وثانيهما أن ما قوى تعليق شبه الجملة بحال من الكاف عند الشيخ محيي الدين هو كون صاحب الحال في ذلك التركيب ضمير حاضر (مخاطب) وهو أقل إبهاما من ضمير الغائب ولا يحتاج بالضرورة إلى مرجع متقدم، أما ضمير الغائب في تركيبنا فهو بحاجة إلى مرجع متقدم أو مفسر متأخر، ومفسره التمييز (دعوة) لأننا إن نصبناه على الحال ظل الضمير بلا مرجع ولا مفسر، هذا بالإضافة إلى إشكال جمود الحال هنا فلا هي مؤولة بالوصف ولا هي من أنواع الجامدة غير المؤولة بالوصف.
لا أدعي خطأ الآراء الأخرى، ولكن كان هذا ما بدا لي وفق ما عللت، والله أعلم.
تحياتي ومودتي.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وكل عام وأنت بخير أستاذي على المعشي
جزاك الله خيرا على هذا التوضيح الذي شفى صدري وروى ظمئي
نفع الله بك ودمت سالما
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[03 - 10 - 2008, 10:55 ص]ـ
أخي أبا العباس
لدي سؤال عابر
أليس التركيب في أصله (يا عجبا لها) فيكون الجار والمجرور متعلقًا بالعجب لأنه قيد له؟
بوركت أستاذنا
نعم هو ما قلت
فالصيغة هنا صيغة تعجّب
ولذلك قلت في مشاركة سابقة
الجار والمجرور " لها" متعلّقان بياء النداء التي أفادت معنى التعجّب وسدّت مسد الفعل
جاء في كتاب جامع الدروس العربيّة للغلاييني عند حديثه عن فعلي التعجّب:
" التَّعجُّبُ هو استعظامُ فعلِ فاعلٍ ظاهر المزية.
ويكونُ بالفاظٍ كثيرةٍ، كقوله تعالى {كيفَ تكفرون بالله! وكنتم أمواتاً فأحياكم}، وكحديث "سُبحانَ اللهِ! المؤمن لا يَنجَسُ حيًّا ولا ميْتاً"، ونحو "للهِ دَرُّهُ فارساً! ولله أنت! " ونحو "يا لك من رجل! وحَسبُكَ بخالدٍ رجلاً ونحو ذلك "
وجاء في الكتاب لسيبويه:
"ومما جاء وفيه معنى التعجّب كقولك: يا لك فارساً، قولُ الأخوص ابن شُريح الكلابي:
تمنّاني ليلقاني لَقيطٌ ... أعامِ لك بنَ صعصعةَ بنِ سعدِ
وإنما دعاهم لهم تعجباً، لأنه قد تبيّن لك أن المنادى يكون فيه معنى أفعِل به، يعني يا لك فارساً."
مع أطيب التحيّة