ـ[سليمان الأسطى]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 01:58 ص]ـ
لعل ما أشكل هنا هو قياس مثل على آية .. وفي نظري لايجوز القياس ...
إذن ثمة خطاب، وذاك ما لا نجده في مثال أخينا موسى (يا جبال تحركوا) من وجهتين: الأولى: إن المخاطب لا يعقل، ولا يعقل معه الخطاب.
ومن جهة ثانية: يقتضي – إن سلمنا بمعقولية الخطاب أو من جهة المجاز–أن نقول: يا جبال تحركي .. قياسا على آية أخرى من سورة سبأ هي: " يا جبال أوبي معه "
أما مثال المبارك موسى فلا خطاب فيه أصلا، إنما هو جملة إسمية أسند التحرك فيها إلى الجبال بصورة لا أظنها صوابا
والله أعلم
لا يمنع القياس إلا لسبب معارض أو قلة مسموع، ولا أرى مانعا يمنع القياس هنا، وقد ورد المقيس عليه في القرآن الكريم.
أما كون المخاطب لا يعقل فلا يمنع خطابه، وقد ورد كثيرا في كلام العرب، كقول امرئ القيس ألا أيها الليل الطويل ....
أما معاملته معاملة غير العاقل فهي على الأصل، فلا تمتنع، فإن شئت عاملته معاملة العاقل، وإن شئت عدت به إلى الأصل.
ومعاملته معاملة العاقل ليست مخصوصة بالخطاب، يدل على ذلك قوله تعالى ((إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين))، فبإسناد فعل ما يعقل إليه يجوز تنزيله منزلة العاقل.
والله تعالى أعلم
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 08:48 ص]ـ
:::
واو الجماعة لا تعود على جماعة غير العاقل
المنزل منزلة العاقل إلا بشروط
الأساتذة الأجلاء،
إذا خوطبت جماعة غير العاقل أو أسند فعل ما يعقل إليها فقد عوملت معاملة العاقل ووجب إنزالها منزلة العاقل إلا إذا كان هناك ضابط يمنع ذلك.
حين قال تعالى:
"يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ ... " (سبأ 10)
فقد خاطب الجبال وأنزلها منزلة العاقل لكنه لم يقل: (يا جبال أوبوا معه)
وهذا في رأيي دليل امتناع ...
وعندما قال تعالى:
" ... وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ" (الأنبياء 79)
... إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ (ص 18)
فقد أسند إلى الجبال فعل ما يعقل لكنه لم يقل: (يسبحون)
وهذا في رأيي دليل امتناع ...
وعندما قال تعالى:
تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (مريم 90)
أسند إلى السماوات فعل ما يعقل لكنه لم يقل: (يتفطرون)
وهذا في رأيي دليل امتناع ...
لقد أنزلت جماعة ما لا يعقل منزلة ما يعقل ويسمع لكن واو الجماعة لم تعد عليها فما السبب؟
هذه أدلة المعترضين على عبارة "الجبال تحركوا" غير المستساغة، وفي اعتقادي أن الضابط المطلوب يكمن في هذه الآيات الكريمات، وأعتقد أن الأستاذ مغربي حفظه الله قد اقترب من هذه الحقيقة كثيرا ...
في الآيات ?كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ? [33 - الانبياء]، ?رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ? [4 - يوسف]، و?يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ? [18 - النمل] أنزل جماعة ما لا يعقل بمنْزلة ما يعقل ويسمع، لذكر أفراد الجماعة بالسجود، ولخطاب جماعة النمل كما يخاطب الناس، وعادت واو الجماعة عليها كلها ...
من تأمل الآيات الكريمات نلاحظ أن الفرق يكمن في أفراد الجماعات غير العاقلة من حيث تفردها واستقلاليتها واختلافها في الحركة وفي التصرف فالجبال لا يتحرك أفرادها (إن تحركت) بشكل فردي منفصل فهم أفراد وحدة واحدة ثابتة جامدة في حين أن أفراد الجماعات الأخرى منفصلون مبعثرون يتحرك كل منهم بشكل مستقل عن الآخر في مسارات منفصلة مختلفة.
وأعتقد أن أمرا مماثلا يحدث في وصف اسم جنس غير العاقل، فمع أن القاعدة العامة تقتضي تبعية الصفة للموصوف في الإفراد والتثنية والجمع إلا أن جمع اسم جنس غير العاقل يستثنى من القاعدة ويعامل على لفظه معاملة المفرد عندما يوصف.
قال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ} يس80
قال: {من الشجر الأخضر ... }، ولم يقل: الخضر. (شجر مفرده شجرة).
ونقول: الزيتون الأخضر، والزيتون الأسود، والنعنع الأخضر، والحصى الأبيض، والتمر الأسود والقمح الأسمر، والليمون الأصفر، والحنطة السمراء، والجبنة البيضاء، والجبنة الصفراء. ولا نقول في وصف هذه الجموع: الخضر والسود والبيض والسمر والصفر لأنها تعامل بوصفها وحدة واحدة متماسكة مترابطة كالجبال ...
لكننا عند وصف الجند فإننا نقول: جند سمر وأقوياء وأوفياء ولا نقول جند أسمر وقوي ووفي لأن أفراد هذا الجمع متفردون مستقلون مختلفون في الحركة وفي التصرف.
أقول قولي هذا على سبيل المثال والتشبيه،
والله تعالى أعلم،
منذر أبو هواش
:; allh