(فصل) وقوله سحولية ابن بكير هي منسوبة إلى سحول بلد باليمن، وقال ابن حبيب إنها منسوبة إلى القطن؛ لأن السحول ثياب القطن والأمران راجعان إلى معنى واحد؛ لأن ثياب اليمن إنما هي من القطن، وقال ابن وهب السحول قطن ليس بالجيد وأفضل الكفن القطن والكتان استنانا في القطن بالنبي صلى الله عليه وسلم والكتان يجري مجراه؛ لأنهما من نبات الأرض ومما يلبس غالبا لغير معنى المباهاة، وأما الحرير فإن مالكا كرهه للرجال والنساء، وقال ابن حبيب لا بأس به للنساء وجه القول الأول أن الحرير إنما هو للمباهاة والجمال وليس الكفن بموضع مباهاة ولا تجمل ووجه ما قاله ابن حبيب أن هذا من لباسها المباح لها كالقطن وكرهت المغالاة في الكفن؛ لأنه من باب المباهاة وهو ممنوع في الكفن.
(فصل) وقوله في الحديث ليس فيها قميص ولا عمامة يحتمل أمرين أحدهما أنه لم يكن في كفنه جملة قميص ولا عمامة، وإنما كان جميع ما كفن فيه ثلاثة أثواب والثاني أنه كفن في ثلاثة أثواب لم يعتد فيها بقميص ولا عمامة، وإن كان ذلك من جملة ما كفن به وقد اختلف العلماء في ذلك فروى ابن حبيب وابن القاسم عن مالك أن الميت يقمص ويعمم وبه قال أبو حنيفة، وقال القاضي أبو الحسن إن مذهب مالك أنه غير مستحب وقد رواه يحيى بن يحيى عن ابن القاسم أن المستحب أن لا يقمص ولا يعمم ونحا به نحو المنع وبه قال الشافعي. قال القاضي أبو الوليد رضي الله عنه والأظهر عندي جوازه والأصل في ذلك ما روى جابر بن عبد الله قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بعد ما أدخل حفرته فأمر به فأخرج فوضعه على ركبتيه وألبسه قميصه ونفث عليه من ريقه، والله أعلم وكان كسا عباسا قميصا.
(مسألة) إذا ثبت ذلك فإن المستحب عند مالك من الكفن خمسة أثواب قميص وعمامة ومئزر وثوبان يدرج فيهما بعد ذلك فيجوز أن يضاف المئزر إلى الثوبين في العدد؛ لأنه من جنسهما والمرأة مثل ذلك مئزر وثوبان ودرع وخمار والزيادة في كفن الميت على الخمسة إلى السبعة لا بأس به لحاجة ما إلى الستر وهذا على مذهب مالك فأما على رأي ابن القاسم فإن الرجل يدرج في الثلاثة الأثواب إدراجا وتزاد المرأة على ذلك مئزرا وخمارا لحاجة ما إلى الستر.
(مسألة) وعمامة الميت على حسب عمامة الحي رواه مطرف عن مالك يجعل منها تحت لحيته ويترك منها قدر الذراع ذؤابة تطرح على وجهه، وكذلك يفعل من خمار الميتة؛ لأنه بمنزلة العمامة للرجال.
ـ[طلحة ابو عبدالرحمن]ــــــــ[28 - 07 - 10, 07:01 م]ـ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ يَا وَيْلَهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ يَا وَيْلِي أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِي النَّارُ
رواه مسلم في صحيحه والبيهقي في السنن الكبرى وابن حبان في صحيحه واللفظ لمسلم
وصححه الالباني
شرح الحديث الشريف
قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قرأ ابن آدم السجدة)
فمعناه آية السجدة.
(وقوله يا ويله)
هو من آداب الكلام، وهو أنه إذا عرض في الحكاية عن الغير ما فيه سوء واقتضت الحكاية رجوع الضمير إلى المتكلم، صرف الحاكي الضمير عن نفسه تصاونا عن صورة إضافة السوء إلى نفسه.
وقوله في الرواية الأخرى:
(يا ويلي)
يجوز فيه فتح اللام وكسرها.
وقد احتج أصحاب أبي حنيفة رحمه الله وإياهم بقوله: (أمر ابن آدم بالسجود) على أن سجود التلاوة واجب. ومذهب مالك والشافعي والكثيرين أنه سنة، وأجابوا عن هذا بأجوبة:
أحدها: أن تسمية هذا أمرا إنما هو من كلام إبليس فلا حجة فيها فإن قالوا حكاها النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكرها قلنا: قد حكى غيرها من أقوال الكفار ولم يبطلها حال الحكاية وهي باطلة.
الوجه الثاني: أن المراد أمر ندب لا إيجاب.
الثالث: المراد المشاركة في السجود لا في الوجوب.
والله أعلم.
ـ[طلحة ابو عبدالرحمن]ــــــــ[28 - 07 - 10, 07:03 م]ـ
¥