تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[باب ما جاء في احتجاج الإمام أحمد بالحديث الضعيف في الأحكام]

ـ[أبو عبد الله التميمي]ــــــــ[16 - 07 - 10, 02:39 م]ـ

[باب ما جاء في احتجاج الإمام أحمد بالحديث الضعيف في الأحكام]

الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعدُ:

فقد قال أحمد -رحمه الله- في رواية الأثرم: "ربما كان الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في إسناده شيء، فيؤخذ به إذا لم يجيء خلافه أثبت منه، مثل: حديث عمرو بن شعيب، وإبراهيم الهجري، وربما أَخُذُ بالمرْسلِ إذا لم يجيء خلافُه". [العدة (4/ 1178)] [مع أن المتأخرين يحتجون بعمرو بن شعيب مطلقا ويجعلون حديثه من قبيل الحسن المحتج به، حتى ولو عارضه حديث صحيح]

وقال ابن هانئ: قلت لأبي عبد الله: حديث عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مرسل برجالٍ ثبت أحب إليك أو حديث عن الصحابة أو التابعين متصل برجال ثبت؟

قال أبو عبد الله: عن الصحابة أعجب إلي. [مسائل ابن هانئ].

وقال -في رواية أبي طالب-: "ليس في النَّبِق حديث صحيح، ما يعجبنى قطْعُه؛ لأنه على حال قد جاء فيه كراهة" [العدة] [وكثير من المتأخرين يصححون ما جاء في النهي عن قطع السدرة]

قلت: فظاهر مما جاء في رواية الأثرم: أنه يأخذ بالحديث الذي فيه ضعفٌ يسير من جهة راويه كأن يكون في حفظه سوء (كحديث عمرو بن شعيب وإبراهيم الهجري)، وكالحديث الذي فيه ضعف يسير من جهة انقطاعه كالمرسل. وهذا كله بقيدٍ: وهو أنْ لا يأتي خلافُه أثبت منه (والموقوف الصحيح أثبت منه كما في رواية ابن هانىء، وكما ذَكَرَه محققي الأصحاب وسيأتي).

وما جاء في رواية أبي طالب: فيه دلالة على أخذه بالنهي الوارد في حديثٍ يسير الضعف، وحمله على الكراهة. وهذا قد قرره ابن مفلح والنووي (كما سيأتي).

وإليك تقرير ما سبق _أسوقه لك في مباحث أربعة-:

1) أن احتجاجه مقيّدٌ بعدم وجود معارض راجح (ومن المعارِض الراجح: الأثر الموقوف)

2) أنه يأخذ بالحديث الضعيف في باب الاحتياط.

3) قد يحتج الإمام بخبر ضعيف لا لذاته بل لما عضَدَه من عمل وقياس ونحوهما: فلا يصح الاستدلال بهذه الأمثلة على أنه يأخذ بالضعيف.

4) مراد الإمام بالضعيف.

المبحث الأول/ أن احتجاج الإمام بالضعيف مقيّدٌ بعدم وجود معارض راجح (ومن المعارِض الراجح: الأثر الموقوف)

وهذا قد نصّ عليه الإمام في روايتي الأثرم وابن هانئ –كما تقدم في أول البحث-,

قال ابن النجار: (وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: طَرِيقِي لَسْت أُخَالِفُ مَا ضَعُفَ مِنْ الْحَدِيثِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ مَا يَدْفَعُهُ). [شرح الكوكب المنير]

قال السخاوي: (وكذا نقل ابن المنذر: أن أحمد كان يحتج بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ إذا لم يكن في الباب غيره.

وفي رواية عنه: أنه قال لابنه: لو أردت أن أقتصر على ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء؛ ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث إني لا أخالف ما يضعف؛ إلا إذا كان في الباب شيء يدفعه). [فتح المغيث]

وهذا الذي قرره الأصحاب فقد قال ابن مفلح: (وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ جَامِعِهِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا {: الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ} إنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَمِلْ إلَيْهِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ عَمْرَو بْنَ بُجْدَانَ، وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ هُوَ حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ صَحِيحًا لَقَالَ بِهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مَذْهَبُهُ إذَا ضَعُفَ إسْنَادُ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَ إلَى قَوْلِ أَصْحَابِهِ، وَإِذَا ضَعُفَ إسْنَادُ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مُعَارِضٌ قَالَ بِهِ فَهَذَا كَانَ مَذْهَبُهُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير