وقال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي وأحمد ويحيى ثم تغير وأخذ في الشرب والمعازف فترك.
وتكلم فيه آخرون.
ترجمته في (التاريخ الكبير) للبخاري (2/ 2/3) و (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم و (لسان الميزان) (3/ 87) وأكثر كتب الضعفاء.
وخالد قال فيه البخاري وأبو حاتم: ذاهب الحديث؛ زاد أبو حاتم: تركوا حديثه.
وقال البخاري في (الأوسط): رماه عمرو بن علي بالوضع.
وقال صالح بن محمد جزرة: منكر الحديث.
وقال الحاكم أبو أحمد: حديثه ليس بالقائم؛ وترجمته في (تهذيب الكمال) و (تهذيبه) وغيرهما.
الرابعة: عن يحيى بن سعيد عن سعيد به.
أخرجه أبو الشيخ في (طبقات المحدثين بأصبهان) (2/ 303)، وعنه أبو نعيم في (أخبار أصبهان) (2/ 332).
قال أبو الشيخ: (حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا قال: ثنا علي بن بشر قال ثنا نوح بن يعقوب بن عبد الله الأشعري قال ثنا أبي قال ثنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة----)، فذكره مرفوعاً.
علي بن بشر منكر الحديث، ونوح ذكره أبو الشيخ في (الطبقات) ولم يزد فيه على قوله (روى عنه علي بن بشر) ثم أخرج له هذا الحديث الواحد؛ ولم أقف له على ترجمة فهو إذن في حكم المجهول، فالسند ساقط جداً.
وأخرج هذا الحديث الخرائطي في (مكارم الأخلاق) (ص9) وابن شاذان في (مشيخته) والباغيان في (فوائده) والقاضي أبو يعلى في كتاب (إبطال التأويلات لأخبار الصفات) وأبو القاسم التيمي الأصبهاني في (الترغيب) وأبو المحاسن الروياني في كتابه (الألف حديث عن مئة شيخ) والحكيم الترمذي في (نوادر الأصول) - ومتنه في مطبوعة (النوادر) المجردة من الأسانيد (ص 327 - 329) - والديلمي في (مسند الفردوس).
وهو عندهم – على ما يظهر – من بعض هذه الطرق، لا من طرق أخرى غيرها.
هذا حال هذا الحديث، فمن العجب ميل الإمامين الكبيرين شيخي الاسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى إلى قبول هذا الحديث وتقويته؟
قال ابن القيم في (الوابل الصيب) (128 - 129) في هذا الحديث:
(رواه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب (الترغيب في الخصال المنجية والترهيب من الخلال المردية) وبنى كتابه عليه وجعله شرحاً له وقال: هذا حديث حسن جداً، رواه عن سعيد بن المسيب عمر بن ذر وعلي بن زيد بن جدعان وهلال أبو جبلة؛ وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يعظم شأن هذا الحديث، وبلغني عنه انه كان يقول: شواهد الصحة عليه).
وكذلك قبِله، أو مال إلى تقويته، غيرهما، فقد نقل كلام ابن القيم هذا – ولم يتعقبه بشيء - تلميذه ابن رجب في أحوال الآخرة وأهوالها (ص54).
وقال القرطبي في (التذكرة في أحوال الموتى والآخرة) (ص293):
(هذا حديث عظيم ذكر فيه أعمالاً خاصة تنجي من أهوال خاصة).
وقال الرشيد العطار فيما نقله عنه السخاوي في (القول البديع) (ص119):
(هذا أحسن طرقه)، يريد رواية فرج بن فضالة عن هلال أبي جبلة عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة، وهي عند أبي موسى المديني.
ولكن كلمته هذه تحتمل أنه أقل طرقه ضعفاً، وهو ضعيف، وتحتمل أن له طرقاً حسنة وأن هذه الطريق أحسنها.
وعلى كل حال فإنه بكلمته هذه يتبين حال هذا الحديث؛ فما ظنك بحديث يكون أحسن طرقه هذه الطريق الواهية؟!
وقال السخاوي في (القول البديع) (ص121):
(وذكر الشيخ العارف أبو ثابت محمد بن عبد الملك الديلمي في كتابه (أصول مذاهب العرفاء بالله) مامعناه: إن هذا الحديث وان كان غريباً عند أهل الحديث فهو صحيح لا شك فيه ولا ريب، حصل له العلم القطعي بصحته من طريق الكشف في كثير من وقائعه وأحواله، كذا قال، والعلم عند الله تعالى).
قلت: كذا اكتفى السخاوي بهذه الإشارة إلى تبرّئه من هذا القول وهو من مثله رحمه الله تقصير ظاهر، فمثل قول أبي ثابت هذا ينبغي أن يصرح العلماء ببطلانه وذمه ويشنعوا على قائله ويحذروا الناس منه فإنه والله فُوضى وحكم لا يُرضى، بل هو كذب أو لعب، وهو أمر عظيم الخطر سيء العاقبة، فيه إبطال طريقة العلم ونقض بناء النقد، وهل تذهب العلوم وتهدم أركان الاديان إلا بمثل هذا الهذيان؟
ومتى يصح في الدين أو العقل أن تأخذ الامة أصول علومها عمن يجهلها ولا يفهمها، وهل يعذر محدث عالم إذا ارتاب في بطلان ما يخالف علمه المجمع عليه بين علماء السلف، وكاد يصدق ما يقوله بعض الجاهلين أو الضالين؟!
¥