قال الحافظ الذهبي – رحمه الله – في ((السير: ((له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويغرب)). ونقل العليمى في ((المنهج الأحمد)) عن أبي بكر الخلال قوله: ((قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية، وأغرب بشيء يسير، وإذا نظرت في مسائله شبهتها في حسنها وإشباعها وجودتها بمسائل الأثرم)) ونقل الحافظ ابن رجب في فتح الباري عن ابن حامد قوله: رأيت بعض أصحابنا حكى عن أبي عبدالله الإتيان، أنه قال: تأتي قدرته، قال: وهذا على حدَّ التوهم من قائله، وخطأ في إضافته إليه
وقد أنكر إسحاق بن شاقلا هذه الرواية كما نقل ذلك شيخ الإسلام في الفتاوى
وقد ثبتت عن الإمام أحمد آثار عديدة تدل على أنه كان من مثبتة الصفات
أذكر منها ما جاء في رواية الميموني للمسائل ((من زعم أن يديه نعمتاه فكيف يصنع بقوله: {خلقت بيدي} مشددة)) وما جاء في رواية أبي طالب للمسائل ((قلب العبد بين أصبعين، وخلق أدم بيده، وكل ما جاء الحديث مثل هذا قلنا به))
عن يوسف بن موسى البغدادي أنه قيل لأبي عبدالله أحمد بن حنبل: الله عز وجل فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه، وقدرته وعمله في كل مكان؟ قال: نعم على العرش، وعلمه لا يخلو منه مكان
عزاه ابن القيم لكتاب السنة للخلال ويوسف بن موسى هذا من أشياخ الخلال وأثنى عليه الخلال خيرا
وقد روى النجاد في ((الرد على من يقول القرآن مخلوق)) عن عبد الله بن أحمد قوله سألت أبي – رحمة الله – عن قوم يقولون: لما كلم الله عز وجل موسى لم يتكلم بصوت، فقال أبي:، بلى، إن ربك عز وجل تكلم بصوت، هذه الأحاديث نرويها كما جاءت))
وهذ الأثر في كتاب السنة لعبد الله بن أحمد وهو ثابت عنه كما بينته في الدفاع عن حديث الجارية
ويدل هذا الأثر على أن معنى قول السلف ((أمروها كما جاءت)) هو أثبتوها كما جاءت
وقد تقدم معنا إثبات الإمام أحمد لصفة النزول وغيرها من الصفات
وعلى فرض أن الإمام أحمد أول صفة المجيء فقد ثبت عمن هم أعلى طبقة منه إثباتها
قال ابن أبي حاتم الرازي في تفسيره برقم 1995 حدثنا أبو زرعة (ثقة ثبت لا يحدث إلا عن ثقة كما في اللسان) حدثنا الحسن بن عون البصري حدثنا يزيد بن زريع (ثقة سماعه من سعيد بن أبي عروبة قديم) ثنا سعيد (هو بن أبي عروبة ثقة من أثبت الناس في قتادة إلى أن ابن القطان قد تكلم في سماعه التفسير من قتادة وتأوله بعضهم على أنه يعني أن سعيد أخذ ذلك من صحيفة) عن قتادة في قوله تعالى ((هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام)) وذلك يوم القيامة
وفي هذا الأثر إثبات أن السلف كانوا مثبتة ولم يكونوا مفوضة ولم يؤخذ على قتادة إلا القول بالقدر
وروى أيضا برقم 1997 عن حجاج بن حمزة (قال عنه أبوزرعة ((شيخ مسلم صدوق)) كما في ترجمته في تاريخ الإسلام) ثنا شبابة (ثقة حافظ من رجال الشيخين) ثناورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ((قوله ((هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام)) كان يقول هو غير السحاب ولم يكن لبني إسرائيل في تيههم حين تاهوا وهو الذي يأتي الله فيه الله يوم القيامة
وقد احتج السقاف براويةورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد لإثبات التأويل عن مجاهد في مقدمة تحقيقه لدفع الشبه وقال ابن جرير في تفسيره برقم 3672 من طريق محمد بن عمرو ثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح فذكره
وروى أيضا برقم 1998 عن أبيه ثنا محمد بن الوزير الدمشقي (وهو ثقة) ثنا الوليد (هو بن مسلم وهو ثقة) سألت زهير بن محمد عن قول الله ((هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام)) قال ظلل من الغمام منظوم بالياقوت مكلل بالجواهر والزبرجد))
وهذا برهان آخر على كذب من زعم أن السلف كانوا مفوضة ويستفاد من هذه الآثار أنه لم ينعقد إجماع على تفويض أو تأويل صفة المجيء بل على العكس الإجماع منعقد على إثباتها
وقد أثبت ابن جرير الطبري صفة المجيء
حيث قال في تفسيره ((وقوله: {وجاء ربك والملك صفا صفا}
يقول تعالى ذكره: وإذا جاء ربك يا محمد وأملاكه صفوفا صفا بعد صف))
وقد قال القرطبي (وهو من أهل التأويل) في تفسيره ((والذي عليه جمهور أئمة أهل السنة أنهم يقولون: يجيء وينزل ويأتي. ولا يكيفون لأنه "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير))
¥