وقوله ولا يكيفون يدل على أنهم يثبتون المعنى ولكن أشاعرة اليوم يعتبرون هذا القول من أقوال أهل التجسيم والتشبيه
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[14 - 08 - 06, 11:03 م]ـ
واحتج السقاف بما أورده ابن كثير في البداية والنهاية عن الإمام أحمد من طريق أبي الحسن الميموني، عن أحمد بن حنبل أنه أجاب الجهمية حين احتجوا عليه بقوله تعالى: {وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون} قال: يحتمل أن يكون تنزيله إلينا هو المحدث، لا الذكر نفسه هو المحدث، وعن حنبل، عن أحمد أنه قال: يحتمل أن يكون ذكراً آخر غير القرآن
قلت والجواب أن هذا الأثر لا نعرف له طريقاً صحيحاً عن الإمام أحمد وابن كثير علقه (وهو غير موجود في بعض النسخ)
الثاني أنه حتى لو ثبت فالحامل للإمام أحمد على هذا القول هو تلك النصوص القطعية الدالة على أن القرآن كلام الله
قال ابن أبي حاتم عن محمد بن خلف الخراز سمعت هشام بن عبيد الله الرازي يقول القرآن كلام الله غير مخلوق فقال له رجل أليس الله يقول" ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث" فقال محدث إلينا وليس عند الله بمحدث.
قلت لأنه من علم الله وعلم الله لايوصف بالحدث
ومن النقاط المتفق عليها بين أهل السنة والأشاعرة أن التأويلات ليست طبقة واحدة فمجرد ثبوت مشروعية التأويل لا يعني ذلك أن كل التأويلات التي قال بها المعطلة صحيحة والأشاعرة يقرون معنا بهذه المقدمة فهم يرفضون تأويل السمع والبصر بالعلم
إذا علمت هذا عرفت أن المنهج الذي اتبعه السقاف في إثبات صحة تأويلات القوم في مقدمته هذه منهج ضعيف وقد تقدم معنا ثلة من التأويلات الفاسدة التي لا يقبلها النص
وما قام به هشام بن عبيد الله الرازي ليس تأويلاً بل رد للمتشابه إلى المحكم ولو أردنا تنزيل ذلك على تأويلات الأشاعرة لوجدنا الفرق بينهما واضح
فعمدة الأشاعرة آية مجملة في النفي ((ليس كمثله شيء))
والآية فيها إثبات ونفي والسلفيون فقط الذين يجمعون بين الإثبات والنفي في الصفات التي ورد بها النص فيقولون ((يد لا كأيدينا وسمع لا كسمعنا))
والآية إنما فيها نفي التشبيه والتمثيل والتشبيه عرفه السلف كما نقل ذلك عنهم الترمذي بأنه القول بأن ((لله يد كيدي وسمع كسمعي وبصر كبصري))
وهذه نقطة جوهرية في الخلاف بين الأشاعرة والسلف وهو تعريف التشبيه وعدم التفريق بين صفة اليد وصفة السمع
ومذهب السلف هو المعتمد والمنصور فلا يعقل أن ندع قول السلف من أجل قول فرقة مولدة
ويلزم من قول الأشاعرة بأن الإشتراك باللفظ يلزم منه التشبيه تشبيه البشر بالبهائم فلو قلت لأشعري
أنت كالكلب
لغضب وانتفض ولكن هذا مآل مذهبه فالكلب له وجه و عينان وقدمان وأسنان ولسان وكذلك الإنسان
وهذا ما لم يقل به أحد من بني آدم (أعني تشبيه البشر بالبهائم)
ثم إنه لا تعارض بين النفي المجمل والإثبات المفصل فلا تعارض بين قول الأشاعرة ((لله علم وسمع وبصر))
وقولهم ((الله عز وجل لا يشبه شيء من مخلوقاته))
وقد أجاب الباقلاني على احتجاج المعتزلة بالآية السابقة على خلق القرآن بجول سديد في كتابه الإنصاف
قال الباقلاني ((فإن احتجوا بقوله تعالى: "ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث" فوصفه بالحدث والحدث هو الخلق الجواب من ثلاثة أوجه: أحدها: أن الآية حجة عليهم، لأنها تدل على أن من الذكر ما ليس بمحدث، لأنه لم يقل ما يأتيهم من ذكر إلا كان محدثاً. فثبت أن من الذكر ما هو قديم ليس بمحدث، فيجب أن يكون القرآن؛ لأن الإجماع قد وقع على أن كل ذكر غيره مخلوق، فلم يبق ذكر غير مخلوق. غير كلامه، سبحانه وتعالى))
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[14 - 08 - 06, 11:04 م]ـ
ثم قال السقاف: (تأويل آخر عن الإمام أحمد: قال الحافظ الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (10/ 578): ((قال أبو الحسن عبد الملك الميموني: قال رجل لأبي عبدالله – أحمد بن حنبل:- ذهبت إلى خلف البزار أعظه، بلغني أنه حدث بحديث عن الأحوص، عن عبدالله بن مسعود، قال: ما خلق الله شيئاً أعظم من آية الكرسي .. وذكر الحديث. فقال أبو عبدالله – أحمد بن حنبل -: ما كان ينبغي أن يحدث بهذا في هذه الأيام – يريد زمن المحنة – والمتن: ((ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي)). وقد قال أحمد بن حنبل لما أوردوا عليه هذا يوم المحنة: إن الخلق واقع هاهنا على السماء والأرض وهذه الأشياء، لا على القرآن)
قلت الجواب على هذا من وجهين
الأول قال الترمذي حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان بن عيينة – في تفسير حديث عبد الله بن مسعود قال: ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي – قال سفيان: لأن آية الكرسي هو كلام الله، وكلام الله أعظم من خلق الله، من السماء والأرض. وسنده صحيح
فهذا التفسير من سفيان ليس تأويلاً فهو لم يصرف الكلام عن ظاهره فظاهر الكلام أن آية الكرسي أعظم من السموات والأراضي
وظاهر النص يدل على أن الخلق واقع على السموات والأرضين لا على آية الكرسي لأنها ليست سماءً ولا أرضاً فتنبيه
فأحمد إنما أخذ هذا من ظاهر النص كما لا يخفى
الثاني أن النص يحتاج لإثبات عن أحمد فإن الذهبي قد علقه
¥