تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كلهم يروونه عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أبي رافع عن ابي هريرة. فيظهر ان هذه المحفوظة والأخرى شاذة – ولم أجد من يؤيدني من أصحاب التعليل, بل وجدت عكس قولي, فقد قال الدرقطني: يرويه حماد بن سلمة, واختلف عنه فرواه هدبة عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع وأبي حسان الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم, وعن عاصم الأحول عن أبي حسان عن أبي هريرة يرفعه, وحدث به مخلد بن خداش الأهوازي عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم, وعاصم عن أبي عثمان عن أبي هريرة أن رجلا ووهم في قوله عن أبي عثمان والصحيح عن عاصم الأحول عن أبي حسان الأعرج عن أبي هريرة (علل ج 8 / ص 103).

قلت: ولم أجد رواية هدبة عن ابي رافع عن ابي حسان ,ولم يذكر أحد في كتب الرجال رواية لأبي رافع عن ابي حسان , وكذلك لاتوجد رواية ابن سيرين عن ابي حسان التي نقل زعمها ابو حاتم عن البعض مستغربا لها. وتوجد رواية لم يذكرها الد ارقطني من طريق أبي سنان الشامي عن عثمان بن ابي سودة عن ابي هريرة , عند الترمذي وأستغربها.

وعود على بدء ما زلت أصر على شذوذ رواية عاصم عن ابي حسان

ولهذا لم يثبت ابن المديني رواية عاصم عن ابي حسان فقد قال يعقوب بن شيبة: قلت لابن المديني: من روى عن أبي حسان غير قتادة. قال: لا أعلم. (تهذيب التهذيب - ج 4 / ص 60)

وأظن أن تلميذه البخاري مال الى نفس الرأي وعلى ذلك أمارتين هما:

الأولى: في ترجمة ابي حسان من تاريخه لم يذكر انه روى عن ابي هريرة ولم يذكر أن عاصما روى عنه, فقد قال: "مسلم أبو حسان الأعرج وقال سهل هو مسلم الأحرد يعد في البصريين عن بن عباس وعبد الله بن عتبة وناجية ومخارق بن أحمد روى عنه قتادة " (التاريخ: ج 7 / ص 112 الترجمة 1090)

الثانية: أثبت الحديث برواية ثابت عن ابي رافع عن ابي هريرة في كتابه الأدب المفرد (ص128 رقم352) ولم يشر لرواية عاصم في مصنفاته.

فملخص القول أن أبا حسان لم يروي عنه إلا قتادة. فلماذا اعتبره البخاري وأهمله ابن المديني.

فنقول وبالله الإستعانة:

أن البخاري يرى أن قتادة من أوعية العلم المشهورين بالحفظ الذين يحفظون حديثهم كما يحفظون القرآن, وهو ثقة عنده ولم يصفه بالتدليس , ومن القلائل الذين يؤدون اللفظ كما سمعوه دون تغيير, فخطأه في نقله رواية ابي حسان عن ناجية بعيد وخاصة أن رواياته عن ابي حسان عن ناجية تعددت وصرح في بعضها بالسماع فأمن من تدليسه.

وأبو حسان زاده تعديلا رواية قتادة عنه رغم خارجيته , لأنه أمين في النقل.

ولهذا إستشهد به البخاري في صحيحه فقال في كتاب الحج باب الزِّيَارَةِ يَوْمَ النَّحْرِ: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى حَسَّانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ أَيَّامَ مِنًى).

وواضح هنا من لفظة " يُذكر" أن البخاري قد شك في الطريق الى أبي حسان, لأن هذا الحديث رُوي عن صحيفة كانت عند معاذ بن هشام الدستوائي عن ابيه عن قتادة عن ابي حسان , ولم ينقل هذا الحديث أصحاب هشام أو تلاميذ قتادة وهم كثرة لا تحصى, فشك في أن تكون من رواية قتادة كما أشار الى ذلك البيهقي, وليس هنا يقدح في ابي حسان.

وبهذا ثبتت رواية ابي حسان الأعرج عن ناجية الأسدي عند البخاري, ومنه ثبتت رواية ناجية الأسدي عن ابن مسعود رضي الله عنه.

أما ابن المديني: فحذر في قبول رواية ابي حسان لجهالة حاله عنده, لا لأنه خارحي لأنه معتدل في الرواية عن أهل البدع فهو القائل: " لو تركت أهل البصرة لحال القدر، ولو تركت أهل الكوفة لذلك الرأي خربت الكتب ". فالمهم عنده في الرواية الصدق والأمانة والحفظ.

ولكن ابن المديني معروف بالتثبت والتمحيص ولا يرضى بمجرد اللقاء بين الراويين -كالبخاري- لإثبات صحة الرواية, بل يتأكد من سماع التلميذ من شيخه. والناضر في كتابه العلل يجد كثيرا من قوله "فلان رأى فلان ولم يسمع منه, أو التقى به ولم يحدثه, أو سمع منه إلا كذا حديث " , ولهذا لم يشفع لأبي حسان عند ابن المديني كترة رواية قتادة عنه, بل روايات قتادة نفسها تمحص عنده وخاصة عند تفرده, وهذا عن خبرة إكتسبها بالممارسة ومدارسة مع الشيوخ وليس مجرد رجما بالغيب. ونقولاته تدل على مدى معرفته بأحاديث قتادة, ففي تهذيب التهذيب - (ج 10 / ص 315):

قال علي عن يحيى بن سعيد قال شعبة لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أشياء قول علي: القضاة ثلاثة, وحديث يونس بن متى, وحديث لا صلاة بعد العصر.

وقال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد كان شعبة يقول حديث قتادة عن أنس في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل ليس بصحيح.

وقال علي ذكرت ليحيى بن سعيد حديث قتادة عن أبي مجلز: كتب عمر إلى عثمان بن حنيف ..... الحديث الطويل, قال هذا ملزق إلى أبي مجلز , قلت ليس هو من صحيح حديث قتادة, قال لا.

وقال علي في الحديث الماضي في الزيارة يوم النحر والذي إستشهد به البخاري: " روى قتادة حديثا غريبا، حدثنا أبو حسان الاعرج، عن ابن عباس: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم كان ..... "

ولهذا نظر ابن المديني الى رواية قتادة عن ابي حسان عن ناجية عن ابن مسعود رضي الله عنه بريبة فأبوحسان فيه جهالة لحاله فمعظم أحاديثه إنفرد بها وغير معروف بالطلب , وهو بصري ويروي عن ناجية الكوفي.

وهذا ملزم لابن المديني في التوقف في قبول روايته عن ناجية.

وهذا تخمين منا إن قبل , فلم نجد تصرح منه بهذا إلا ما إستشفيناه من قوله " لاأعلم روى عن ابي حسان إلا قتادة ".

فلله درك يا ابن المدني فكلامك في الحديث سحر , وحق للبخاري ان يقول" ما إستصغرت نفسي أمام أحد إلا علي ابن المديني".

مناقشة المتأخرين في معنى الجهالة عند المتقدمين وتطبيق ذلك على ناجية

.................................................. .................. يتبع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير