وقال ابن القطان الفاسي في قول أبي حاتم وأبي زرعة عن راوي أنه (شيخ):" يعنيان بذلك أنه ليس من أهل العلم، وإنما هو صاحب رواية " (نصب الراية 4/ 233).
تعليق: قد يطلق بعض المحدثين هذا اللفظ على من له تلاميذ وحلقات درس.
أما لفظة "صالح" التي قالها ابن معين فهناك من جعلها توهين للراوي وهذا عندي مرجوح, فقد تكون إختصارا للفظتة الأخرى "صالح الحديث" فتعني أن هذا الراوي صالح لأن يكتب حديثه لينظر فيه لجهالة صحة منقوله, أوقد تعني ديانة الراوي على الصلاح.
ومن تتبع إختلاف كلام ابن معين في الرواة الذين قال فيهم "صالح" تجده مرة يعدلهم ومرة يخطأهم وذلك حسب ما يتبين له بعد النظر, كقوله في ابي جعفر الرازي: "كان ثقة خراسانيا " في رواية إسحاق بن منصور.
وقال: "يكتب حديثه ولكنه يخطئ" في رواية أحمد بن سعد بن أبي مريم.
وقال: "صالح" في رواية أبو بكر بن أبي خيثمة.
وقال: "ثقة وهو يغلط" في رواية عباس الدوري.
أما ذكر ابن حبان له في الثقات فليس دعوة لقبول أحاديثه كم أسلفنا, وقد قال الحافظ الذهبي في "الميزان: "توقف ابن حبّان في توثيقه وقوّاه غيره ... " , بل كلامه واضح في كتابه المجروحين (ج 3 / ص 69) حيث قال: "ناجية بن كعب من أهل الكوفة، وهو الاسدي، يروى عن على، روى عنه أبو إسحق وأبو حسان الاعرج كان شيخا صالحا إلا أن في حديثه تخليط لا يشبه حديث أقرانه الثقات عن على، فلا يعجبنى الاحتجاج به إذا انفرد، وفيما وافق الثقات فإن احتج به محتج أرجو أنه لم يجرح في فعله ذلك".
والكلام على تفسير ألفاظ المتقدمين يطول الإستدلال عليه, وهذا ليس موضعه.
النتيجة: أن كلام المتقدمين في ناجية غير مجرّح ولا معدل لصحة نقله, فهو يدور على أنه مجهول الحال ويبقى موضع الإختبار لأحاديثه التي انفرد بها كل على حدى, وتقبل الأحاديث الموافقة للثقات.
مناقشة المتأخرين في عليّة الأحاديث عند صاحبي الصحيح إذا لم يذكراها في صحيحيهما, و تطبيق ذلك على ناجية:
تم قال المتأخرون ردا على البيهقي:
[ ...... الثاني: قول البيهقي لم تثبت عدالته عند صاحبي الصحيح قول كلّه تمحّل! ولا يليق بمنصب البيهقي في العلم ان يصدر منه مثل هذا القول.
ومما عرف بالإستفاضة ان ترك البخاري ومسلم الراوي لا يوهنه, وكذلك تركهما أو احدهما لحديث ما لايضعفه, فإنهما ما استوعبا لا هذا ولا ذاك ..... والبيهقي من العالمين بهذا (!) .... ]
التعليق:
البيهقي صاحب صنعة حديثية متقنة ومن أئمة النقد والتعليل, وقد يكون أفضل من الحاكم في ذلك, ومن طالع في كتابه السنن يرى عجبا من صناعة الحديث: إطلاعا على الطرق, ومزيد الألفاظ, والنقد والتعليل .....
وهنا البيهقي له نظر ثاقب في قوله: "لم تثبت عدالته عند صاحبي الصحيح".
لأنه هو القائل كذلك في كتابه المدخل" وقد بقيت احاديث صحاح لم يخرجاها وليس في تركهما اياها دليل على ضعفها". (نقلا عن صاحب الجوهر النقي: ج 9 / ص 78).
فإذا ثبت ان الحديث إطلع عليه صاحبا الصحيح , وحصل لهما سنده , ثمّ لم يثبتاه في صحيحهما وخاصة إذا لم يوجد في الباب غيره, فهو معلول عندهما لخطأ فيه, أو لجهالة حال راو فيه, فهما مصيران الى التوقف فيه الى ان تثبت صحته.
وهذا الحديث من المتوقف فيه عند صاحبي الصحيح , ولهذا كانت عبارة البيهقي دقيقة.
لأن الحديث بسنده كان عندهما وإطلعا عليه بالتأكيد: والدليل على ذلك أنهما ترجما لناجية الأسدي بل وصححا نسبه وذكرا رواية أبي إسحاق عنه وروايته عن علي رضي الله عنه, وهذا الحديث جاء بهذا السند , وخاصة أن الأحاديث التي جاءت بهذا السند عنه أثنين فقط. وكذلك يوجد هذا الحديث عند كل شيوخ البخاري ومسلم كمسدد وعبد الرزاق وابن ابي شيبة والحميدي ومحمد بن بشار ومحمد بن المثنى وابن سلام ...... الخ, فكيف لم يطلعا على هذا الحديث ويأخذانه منهم.
بالإضافة أن هذا الحديث حاسم في هذا الباب ولا يوجد غيره ليغني عنه.
فلماذا لم يثبتاه في الصحيحين إلا أن يكون معلولا.
وهذا ليس مسلك البيهقي وحده, بل كان سائدا قبل القرن السابع, فهذا الحاكم الذي إستدرك على صاحبي الصحيحين الكثير من الأحاديث زعم أنها على شرطهما يقول:
¥