" إن الصحيح لا يعرف بروايته فقط, وإنما يعرف بالفهم والحفظ وكثرة السماع، وليس لهذا النوع من العلم عون أكثر من مذاكرة أهل العلم والمعرفة, ليظهر ما يخفى من علة الحديث. فإذا وجد مثل هذه الأحاديث بالأسانيد الصحيحة غير مخرجة في كتابي الإمامين البخاري ومسلم, لزم صاحب الحديث التنقير عن علته، ومذاكرة أهل المعرفة به لتظهر علته" (علوم الحديث ص59 - 60).
وكذا قريبا منه يتوجه قول ابن صلاح: " إذا وجدنا فيما نروي من أجزاء الحديث وغيرها حديثا صحيح الإسناد، ولم نجده في أحد الصحيحين، ولا منصوصا على صحته في شئ من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة، فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته، فقد تعذر في هذه الأعصار الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد ..... " (مقدمة ابن الصلاح ص11).
شروط تقوية الأحاديث بالمتابعات عند المتقدمين وخطأ المتأخرين في هذا المسلك:تم قوّى المتأخرون هذا الحديث بالمتابعة فقالوا:
[ ..... انه لم يتفرد به، بل توبع عليه. اخرجه احمد (1/ 103) وابنه في ((زوائد المسند)) (1/ 129_130) وابو يعلى في ((مسنده)) (1/ 335_336) وكذا ابن عدي في ((الكامل)) (2/ 738_739) والبيهقي (1/ 304) من طريق الحسن بن يزيد الاصم،قال: سمعت السدي عن ابي عبد الرحمن السلمي، عن علي، فذكره بنحوه. وزاد ابو يعلى: ((وكان علي اذا غسل ميتا اغتسل)).
قال ابن عدي: ((وهذا، لا اعلم يرويه عن السدي غير الحسن هذا، ومدار هذا الحديث المشهور على ابي اسحق السبعي، عن ناجية بن كعب، عن علي رضي الله عنه)). وكذا نقل عنه البيهقي.
ثم قال ابن عدي بعد ان ساق له احاديث وهذا منها: ((وللحسن بن يزيد احاديث غير ما ذكرته، وهذا انكر ما رايت له عن السدي)).
ونقل البيهقي عن الامام احمد قوله: ((وقد روى من وجه آخر ضعيف عن علي هكذا)) أ هـ.
يقصد طريق الحسن بن يزيد.
قلت: اما الحسن بن يزيد .. فترجمه البخاري في ((الكبير)) (1/ 2/306) وابن ابي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (1/ 2/43) وحكى هذا عن ابيه قال: ((ليس به باس)) , وكذا قال ابن معين واحمد وزاد: ((ثقة)) , وذكر في ((الميزان)) ان الدارقطني وثقه ايضا. فتعصيب الجناية به من الظلم له.
والسدي هو الكبير واسمه اسماعيل بن عبد الرحمن بن ابي كريمة. وهو من رجال مسلم، ولكن تكلموا فيه من قبل حفظه، وهو مستقيم الحديث، لاباس به كما قال بن عدي رحمه الله في ((الكامل)) (ق82/ 2) ... ]
التعليق:
التقوية بالمتابعة لها شروط عند المتقدمين منها:
1 - أن لا يكون في الحديث خطأ في سند الحديث المُتَابِع يرجع به الى السند الأوّل للحديث المُتَابَع.
فإن وجد خطأ يرجع بالحديث للسند المراد متابعته طرحت هذه المتابعة.
وإن وجد إحتمال الخطأ الذي يرجع بالحديث للسند الأوّل توقف في المتابعة ولم تعتبر ولم تطرح.
2 - أن يكون الراوي المتابع غير مطروح تماما عدالة وحفظا.
3 - أن لا يكون في سند الحديث راو متهم أو مطروح الحديث قبل الراوي المتابع , أي يصح السند الى الراوي المتابع.
وأمثلة ذلك يطول ذكرها.
متابعة ابي عبد الرحمان السلمي لناجية وبيان نكارتها:
حديث ابي عبد الرحمان السلمي المتابع لناجية رواه أحمد في المسند (1/رقم807):
حدثنا إبراهيم بن أبى العباس حدثنا الحسن بن يزيد الأصم قال سمعت السّدّى إسماعيل يذكره عن أبى عبد الرحمن السلمِى عن علىّ ........
ورواه عبدالله بن أحمد في المسند (1/رقم1074) عن غير أبيه:
حدثنا زكريا بن يحيى زحمويه وحدثنا محمد بن بكار وحدثنا إسماعيل أبو معمر وسريج بن يونس قالوا حدثنا الحسن بن يزيد الأصمّ عن السدى عن أبى عبد الرحمن السُلَمى عن على .........
ورواه أبو يعلى الموصلي عن زكريا بن يحيى الواسطي عن الحسن بن يزيد عن السدي ............
ومنه يتبين برواية هذا الجمع من الرواة ان الحديث صحيح الى الحسن بن يزيد عن السدي. فمن يعصّب بهذا الخطأ منهما يا ترى؟
كل المتقدمين يحمّلون الحسن الأصم هذا الخطأ لأنه بالإختبار وجد ان كل أحاديثه رغم قلتها- حوالي ثمانية- تفرد بها عن السدي ولم يحفظها غيره من تلاميذ السدي كالثوري وشعبة وغيرهما, رغم كثرتهم وجمع مروياتهم وجودتها, فكيف يوثق بروايته ولهذا:
¥