ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[22 - 06 - 09, 02:59 م]ـ
http://alukah.net/articles/1/4613.aspx
الشيخ محمد بدر الدين أبو السمح الفقيه
(1307 - 1385هـ/1890 - 1965م)
الشيخ محمد بدر الدين الفقيه عالم فاضل من علماء بلدنا السلفيين القراء التربويين وهو محمد بدر الدين بن محمد نور الدين أبو السَّمح الفقيه المصري. ولد في قرية التلين من مديرية الشرقية في مصر سنة 1307هـ/ 1890م في أسرة علم وفضل ووجاهة. وتعلَّم في مدارسها وحفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره وحفظ عدداً من المتون كالألفية لابن مالك والشاطبية للشاطبي وغيرهما من المتون. وجمع القراءات. ولما أنشأ السيد محمد رشيد رضا مدرسة: "الدعوة والإرشاد" انتظم فيها وتخرج فيها.
وهو أصغر إخوته الذكور، فأخوه الأكبر هو الشيخ عبد الظاهر أو محمد عبد الظاهر [1]، خطيب الحرم المكي وإمامه من الفقهاء الأزهريين وكان سلفي العقيدة استقدمه الملك عبد العزيز إلى مكة وولاَّه الخطابة والإمامة وإدارة دار الحديث من سنة 1345هـ إلى سنة 1370هـ سنة وفاته. كان محدّثاً ومفسراً وفقيهاً وواعظاً، وقد وقفت على بعض الكتب التي عليها تعليقاته في مكتبة جامعة الملك سعود، ويبدو أنها اقتنت عدداً من كتبه بعد وفاته.
وكان الشيخ عبد الظاهر كريماً لطيف المعشر؛ فقد حدثني صديقي الشيخ محمد أبو صّياح الحرش –رحمه الله- أنه عندما حلَّ في مكة كان يدعوه ويقول له: أنت في كلّ يوم مدعوّ عندي.
وكان أخوه عبد المهيمن [2] بعده إماماً في الحرم المكي، وقد عرفته، وذلك في أثناء سنوات الحج التي كنت أحجها بمعية شيخي الشيخ عبد الرزاق عفيفي –رحمه الله-. فقد كان يخرج معنا إلى عرفات ومنى. وكان يرحمه الله شديداً على المخالف، غيوراً على الدعوة السلفية ولي معه ذكريات عدة.
جاء الشيخ محمد بدر الدين إلى دمشق سنة 1332هـ/ 1914م -كما قالت بنته الأستاذة رشيدة -حفظها الله- ولما قامت الحرب العالمية الأولى بقي في دمشق، واتخذ له فيها مسكناً، وكان قد نزل في بادئ الأمر في دار الصعيدي ثم تزوج فاطمة بنت رفاعية وأنجب منها سبعة أولاد، أربعة ذكور وثلاث بنات، وأولاده الذكور هم زكي ورشيد وعبد الحكيم ولقمان.
وأقام مدرسة لتعليم الأولاد سمَّاها (المدرسة المحمدية) في زقاق المحمص من حيّ الميدان، وكان يعلّم فيها القرآن والقراءة والكتابة والفقه والمحاسبة ومسك الدفاتر التجارية والخطّ، وقد نجحت هذه المدرسة نجاحاً عظيماً. وأقبل الناس عليها إقبالاً كبيراً ثم نقلها إلى حيّ الحقلة في الميدان وجعلها جزءاً من بيته.
فهو من المربين الذين عرفهم حيّ الميدان في دمشق.
وقد قال لي مرة: كأن الله تبارك وتعالى اختار لي حيّ الميدان؛ فأنا منذ وطئت قدماي دمشق حللت فيه، وقد بقيت فيه إلى الآن.
ثم سافر بأهله إلى جدّة وأقام فيها سنوات، وأقام مدرسة فيها، وذكر لي -رحمه الله- أن المدرسة نجحت نجاحاً عظيماً، وصار عليها إقبال كبير. وقد سُرَّ بالإقامة هناك وكان قريباً من أخيه الشيخ عبد الظاهر، غير أن زوجته أصابها مرض، ولم تستطع العيش في الحجاز لحرّه ورطوبته وهي شامية ألفت جوّ دمشق، فعاد إلى دمشق.
وفي الإجازة الصيفية لعام 1360هـ/ 1940م التحقتُ بهذه المدرسة مدة الإجازة، وأذكرُ أنه كان متابعاً للأخبار، وقد حصل في تلك الحقبة اغتيال الزعيم السوري الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، فكان يتابع خبر هذا الاغتيال في الجرائد ومع الزائرين له من الرجال.
كان الشيخ فقيهاً متمكّناً، وكان كاتباً ذا أسلوب عال، ولكنه لم يكن ينشر شيئاً على عادة كثير من المشايخ في تلك الأيام، وقد شهد الأستاذ علي الطنطاوي بامتلاكه أسلوباً رائعاً عندما اطلع على رسالة منه إليه فيها انتقاد مهذَّب رفيع لموقف للطنطاوي؛ فلما قرأها أثنى على أسلوب كاتبها واعترف له بالحقّ.
وكان سلفًّيا يكره البدع ويحذِّر منها، من أجل ذلك كان بعض المشايخ يشيعون عنه أنه "وهّابي"، وكانت هذه التهمة كبيرة جدّاً عند العوامّ وقد يصاب المتَهم بها بما يسوءه ... فكان يقابل ذلك بالصبر والمضي على طريقه السويّ.
وكان خطّاطاً متقناً، وقد كتب مصحفاً بخطّه الجميل الرائع، وقد حملته بنته الأستاذة رشيدة –حفظها الله- كما أخبرتني إلى قسم المخطوطات في وزارة الأوقاف السورية، ويظهر أنه كان أثراً فنياً رائعاً.
¥