لا أنادي صاحب القبر أغث أنت قطب أنت غوث و سناد
قائما أو قاعدا أدعو به أن ذا عنديَ شركٌ وارتدادْ
لا أناديه ولا أدعو سوى خالقِ الخلق رؤوفٍ بالعباد
من له أسماؤه الحسنى وهل أحد يدفع ما الله أراد؟
مخلصا ديني له ممتثلا أمرَه لا أمرَ من زاغ و حادْ
تهمة الوهابية: وكسائر الدعاة السائرين على منهاج النبوة فإن الشيخ العقبي قد ابتلي بمن يصفه بالأوصاف المنفرة من دعوته كالتشدد والتكفير ونحوها، والذي يهم أكثر ويجمع كل تلك التهم تهمة الوهابية، فقد جاء في منشور «ميشال» الذي به أوقف الشيخ العقبي عن التدريس ما يلي: «إن القصد العام من هذه الدعاية [أي دعوة العقبي] هو نشر التعاليم والأصول الوهابية بين الأوساط الجزائرية بدعوى الرجوع بهم إلى أصول الدين الصحيح وتطهير الإسلام من الخرافات القديمة التي يستغلها أصحاب الطرق وأتباعهم» [1/ع31/ص4] وهذا مما يشعر أن الطرقية هم من كان وراء هذا القرار وإلا ما لميشال والوهابية، كما نقل الشيخ عن الذين انشقوا عن جمعية العلماء وأسسوا الجمعية الضرار أنهم إنما وصفوا جمعيتهم بجمعية علماء السنة ليوهموا الناس أن جمعية العلماء المسلمين جمعية الضلال والبدع وأن هدفها نشر الوهابية [البصائر (1/ع46/ص2)].
ثانيا: الدعوة إلى إحياء السنن والاجتهاد
إنه مما يتفق عليه الأولياء والأعداء أن الشيخ الطيب العقبي كان أشد رجال الجمعية نهيا عن البدع وحرصا على اتباع السنن، حيث كان لا يبالي بتشنيع المعارضين، ولا بكثرة الناس الضالين والمخالفين، وقد كانت دعوته هذه ومنهاجه الذي سار عليه مبنيا على أصولٍ علميةٍ وقواعدَ مضبوطةٍ، فإنه كما اشتغل بالرد على أهل الباطل والنهيِ عن المنكر، قد اشتغل ببيان الحق بالحجة والبرهان، وخاطب في ذلك العقول والوجدان، فقرر في بعض المواضع قاعدة كمال الدين التي هي منطلق محاجة كل مبتدع في الدين مبدل للشرع فقال [البصائر (1/ع3/ ص2)]: «ولن يجد الكمال في هذا الإسلام الذي هو دين الأنبياء والمرسلين كلهم ودين الفطرة التي فطر الناس عليها، إلا في الكتاب الذي أكمل الله به الدين، ولن يستطيع العمل به والوقوف عند حدوده حتى يؤمن به، وليس بمؤمن من لا يعلم وليس بعالم من لا يعقل، كما أنه ليس بمؤمن من لا يذعن ولا يعمل». وقال مبينا أن الابتداع مضاهاة لله تعالى في شرعه [البصائر (1/ع4/ ص1)]: «وإذا كان التشريع لله وحده، فليس لكائن من كان أن يشرع لنفسه أو لغير نفسه من الدين ما لم يأذن به الله مهما كانت مقاصده في هذا التشريع ومهما ادعى من ابتغاء قربة ووسيلة، إذ لا يكفي في رفع الحرج عمن تجاوز الحدود و افتات في فرض الشرائع على الناس، وتقنين قوانين العبادة والديانة أن يكون حسن النية سليم القلب وطيب السريرة زاعما أنه بما شرع وابتدع يبتغي إلى الله الوسيلة، ويزيد التقرب منه، بل عمله هذا مما يوقعه في الحنث العظيم والحوب الكبير، ذلك لأن النية مهما كانت حسنة لا تغير من حقائق الأشياء ولا تصير المتبوع تابعا والمشروع له شارعا…ولا يعقل أن يتوسل إلى الله بغير دينه المشروع وشرعه الذي ينبغي أن يدان به ويتبع، ولا أظلم ولا أطغى ممن يبتغي الوسيلة بغير ما جاء به الدين». وقال في الرد على أحد الطرقية [البصائر (1/ع26/ص3)]: «وهو الذي يقيم الحفلات البدعية والزردات الشركية بما فيها من بيع شموع، وتصرف في ملكوت الله الأعلى، وأخذ عشرات الآلاف من أموال الضعفاء المغفلين الذين ينصب عليهم ويحتال لأخذ أموالهم باسم الصلاح والولاية والدين، وخوف الله وطاعة رب العالمين!». ومما قال رحمه الله في قصيدته عن البدع وأهلها:
أيها السائل عن معتقدي يبتغي منيَ ما يحوي الفؤاد
إنني لست ببدعي و لا خارجي دأبه طول العناد
يحدث البدعة في أقوامه فتعم الأرض نجدا و وهاد
ليس يرضى الله من ذي بدعة عملا إلا إذا تاب وهاد
وكذلك قال مبينا موقفه من التقليد الأعمى، وشارحا مصادر التلقي عند السلفيين:
لست ممن يرتضي في دينه ما يقول الناس زيد وزياد
بل أنا متبع نهج الأُلى صدعوا بالحق في طُرْق الرشاد
حجتي القرآن فيما قلته ليس لي إلا على ذاك استناد
وكذا ما سنه خير الورى عدتي وهو سلاحي والعتاد
ثالثا: الدعوة إلى الاجتماع
¥