تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمن ثكل يهاب ومن عقوق

وأرزاء يجئن مصممات

وإن نعط الإناث فأي بؤس

تبين في وجوه مقسمات

يردن بعولة ويردن حليا

ويلقين الخطوب ملمومات

ولسن بدافعات يوم حرب

ولا في غارة متغشمات

ودفن , والحوادث فاجعات

لإحداهن , إحدى المكرمات

وقد يفقدان أزواجا كراما

فيا للنسوة المتأيمات

يلدن أعاديا ويكن عارا

إذا أمسين في المتهضمات

ونراه يدعو إلى الزوجة الواحدة ويكره تعدد الزوجات فيقول:

وواحدة كفتك فلا تجاوز

إلى أخرى تجيئ بمؤلمات

وإن أرغمت صاحبة بضر

فأجدر أن تروع بمعرومات

زجاج إن رفقت به , وإلا

رأيت ضروبه متقصمات

إذا كنت ذا ثنتين فاغد محاربا

عدوين واحذر من ثلاث ضرائر

وإن هن أبدين المودة والرضا

فكم من حقود غيبت في السرائر

قرانك ما بين النساء أذية

فتكفيك إحدى الآنسات الغرائر

وفي الرأفة بالحيوان وتحريم قتله يقول:

تسريح كفك برغوثا ظفرت به

أبر من درهم تعطيه محتاجا

غدوت مريض العقل والدين فالقني

لتسمع أبناء الأمور الصحائح

فلا تأكلن ما أخرج الماء ظالما

ولا تبغ قوتا من غريض الذبائح

ولا تفجعن الطير وهي غوافل

بما وضعت , فالظلم شر القبائح

ودع ضرب النحل الذي بكرت له

كواسب من أزهار نبت فوائح

فما أحرزته كي يكون لغيرها

ولا جمعته للندى والمنائح

وفي تسييد العقل وزينته يقول:

خذوا في سبيل العقل تهدوا بهديه

ولا يرجون غير المهيمن راج

ولا تطفئوا نور المليك فإنه

ممتع كل من حجي بسراج

رتجي الناس أن يقوم إمام

ناطق في الكتيبة الخرساء

كذب الظن، لا إمام سوى العقل

مشيرا في صبحه والمساء

فإذا ما أطعته جلب الرحمة

عند المسير والإرساء

إنما هذه المذاهب أسباب

لجذب الدنيا إلى الرؤساء

**

رويدك أيها القارئ الكريم انتظر بشوق،

فلي عودة وفي معيتي الكثير لأنه استُفزت فيَّ قريحتي.

وكل حبي .. حتي أعود ..

.. أمجد ..

رسالة الغفران

أما رسالة الغفران، فهي رسالة كتبها المعري رداً على رسالة بعث بها إليه علي بن منصور بن طالب

الحلبي، المعروف بابن القارح، وقد طاف فيها برحلة خيالية شاقة قاد فيها ابن القارح أرجاء العالم

الآخر، وأذاقه من ألوان النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر. وقد أخذت هذه

الرسالة في شكلها وظاهرها صورة الرسائل الإخوانية، لكن أبا العلاء -الذي لم تكن تربطه بابن

القارح رابطة سابقة- لم يعن بالمسائل الإخوانية قدر ما عني بسرد محفوظه من اللغة والأخبار

والأشعار والإعلان عن براعته والتحدث عمن لقيه من الأئمة والشيوخ.

ومن الراجح أن أبا العلاء كتب هذه الرسالة في النصف الثاني من حياته،

فحياته تنقسم إلى قسمين واضحين متميزين،

كان في أولهما يعيش دنيا الناس ويأخذ فيما يأخذون فيه من لهو وجد، محاولاً أن يشركهم في حياتهم،

وأن يناضل بكفايته وامتيازه ليظفر بمكان له فيها.

وكان في القسم الثاني من حياته معتكفاً في دنياه منصرفاً على التأمل والإملاء،

وعلى هذا يكون من الراجح أيضاً أنه نظم ديوانه (سقط الزند) في النصف الأول من حياته، حين كان

زنده وارياً بنشاط الشباب، فمدح وداعب ومارس نوعاً من النسيب ورثى ومارس نوعاً من الهجاء

اللطيف الخفيف،

ويبدو أنه نظم (ضوء السقط) في النصف الثاني من حياته،

فقد أسقط منه بعض ما كان غير راضٍ عنه،

كذلك نظم اللزوميات في النصف الثاني من حياته، وجمع فيه الحكمة والمنطق، وما ألم به من

تجارب الحياة ومعاشرة الناس، وما لمس من سوء الحكم والتهافت على الدنيا وما آل إليه الدين

ليصبح وسيلة للوجاهة والتكسب والخداع وغير ذلك من الأمور التي كانت تسود المجتمع،

فسكب في لزومياته تأملاته التي تصدر عن عقل وتفكير، وتتفتق عن حكمة بالغة، جعلت المعري

يرقى على مراتب الحكماء والفلاسفة وأن يُوصف بحق أنه شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء.

وأما (سقط الزند) فهو ديوان شعر يشتمل على قصائد في أغراض مختلفة، فيها المديح

والرثاء والفخر وما سوى ذلك من الأغراض المألوفة عند شعراء زمانه، وقد سلك في شعره طريقة

أبي تمام والمتنبي، وهي جزالة اللفظ وحسن المعنى، وقد دعاه (سقط الزند) لأن السقط أول ما يخرج

من (الزند) وهو ما تقدح به النار. وهو أول شعره وما سمح به خاطره.

فمن قوله وهو يرثي الفقيه الحنفي أبا حمزة، قصيدته التي ضمنها كثيرا من الحكم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير