والتي يقول في مطلعها:
غير مجد في ملتي واعتقادي
نوح باك ولا ترنم شادي
خفف الوطء، ما أظن
أديم الأرض إلا من هذه الأجساد
سر إن استطعت - في الهواء رويدا
لا اختيالا على رفات العباد
رب لحد قد صار لحداً مراراً
ضاحك من تزاحم الأضداد
ودفين على بقايا دفين
في طويل الأزمان والآباد
تعب كلها الحياة فما
أعجب إلا من راغب في ازدياد
كل بيت للهدم: ما تبتني
الورقاء والسيد الرفيع العماد
بان أمر الإله، واختلف النا
س , فداع إلى ضلال وهاد
والذي حارت البرية فيه
حيوان مستحدث من جماد
واللبيب , اللبيب , من ليس يغتر
بكون مصيره للفساد
وقال يفخر بنفسه:
ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل
عفاف وإقدام وحزم ونائل
أعندي , وقد مارست كل خفية
يصدق واش أو يخيب سائل
تعد ذنوبي عند قوم كثيرة
ولا ذنب لي إلا العلا والفضائل
وقد سار ذكري في البلاد فمن لهم
بإخفاء شمس ضوءها متكامل
وإني وإن كنت الأخير زمانه
لآت بما لم تستطعه الأوائل
ولما رأيت الجهل في الناس فاشياً
تجاهلت حتى ظن أني جاهل
فواعجبا , كم يدعي الفضل ناقص
ووا أسفاً، كم يظهر النقص فاضل
إذا وصف الطائي بالبخل مادر
وعير قساً بالفهاهة باقل
وقال السهي للشمس أنت خفية
وقال الدجي للصبح لونك حائل
فيا موت زر، إن الحياة ذميمة
ويا نفس , جدي , إن دهرك هازل
وللمعري تصانيف كثيرة تجاوزت السبعين، منها كتاب الأيك والغصون، وشروحه لديوان أبي تمام
والمتنبي والبحتري، وقد دعا شرحه لديوان أبي تمام (ديوان حبيب)، ودعا شرحه لديوان المتنبي
(معجز أحمد) وتناول البحتري بالنقد وسمى شرحه لديوانه (عبث الوليد).
وله كتاب (الفصول والغايات) وهو كتاب في العظات والزهد.
والمعري على علو كعبه في فنون العلم والمعرفة وكثرة تصانيفه التي ترفعه إلى مرتبة كبار الحكماء،
كان متواضعاً تواضع العلماء والأعلام، وليس أدل على ذلك من قوله:
وما أنا إلا قطرة من سحابة
ولو أنني ألفت ألف كتاب
وقوله:
خذي رأي وحسبك ذاك مني
على ما في من عوج وأمت
وماذا يبتغي الجلساء عندي
أرادوا منطقي وأردت صمتي
وقوله:
وإذا انتسبت فقلت إني واحد
من خلقه فكفى بذاك تنسبا
**
رويدك أيها القارئ الكريم انتظر بشوق،
فلي عودة وفي معيتي الكثير.
وكل حبي .. ريثما أعود ..
.. أمجد ..
(أنا الشيخ المكذوب عليه)
أبو العلاء المعري
(العدل والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري)
كتاب: الصاحب كمال الدين ابن العديم المتوفي سنة 660هـ وأحد أعلام عصره
وقد أثارت عبقرية المعري حسد الحاسدين ..
فمنهم من زعم أنه قرمطي،
ومنهم من زعم أنه درزي
وآخرون قالوا إنه ملحد
ورووا أشعارا اصطنعوا بعضها وأساؤوا تأويل البعض الآخر،
غير أن من الأدباء والعلماء من وقفوا على حقيقة عقيدته
وأثبتوا أن ما قيل من شعر يدل على إلحاده وطعنه في الديانات إنما دس عليه وألحق بديوانه،
وممن وقف على صدق نيته وسلامة عقيدته الصاحب كمال الدين ابن العديم المتوفي سنة 660هـ
وأحد أعلام عصره،
فقد ألف كتابا أسماه: (العدل والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري)
وفيه يقول عن حساد أبي العلاء: "فمنهم من وضع على لسانه أقوال الملحدة، ومنهم من حمل
كلامه على غير المعنى الذي قصده، فجعلوا محاسنة عيوبا وحسناته ذنوبا وعقله حمقا وزهده فسقا،
ورشقوه بأليم السهام وأخرجوه عن الدين والإسلام، وحرفوا كلامه عن مواضعه وأوقعوه في غير
مواقعه".
وقد درس على أبي العلاء كثير من طلاب العلم، ممن علا شأنهم في العلم والأدب،
ومنهم أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي (المتوفي سنة 447هـ
وأبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسي،
وأبو الطاهر محمد بن أبي الصقر الأنباري،
وأبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي.
فلم نجد أحد منهم إلا مثنياً على علم المعري وفضله، معجباً بشدة فطنته وقوة حافظته، معترفاً بحسن
عقيدته وصدق إيمانه.
ونحن نضرب المثل على بعض ما دس عليه حساده،
وما حرفوا من شعره وما أدخلوا عليه من فساد،
فقد ورد في اللزوميات البيت التالي:
قد ترامت إلى الفساد البرايا
واستوت في الضلالة الأديان
والبيت المروي على هذا النحو يلصق تهمة الإلحاد بأبي العلاء،
إذ ينسب الضلالة إلى جميع الأديان،
¥