تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير أننا إذا رجعنا إلى كتاب (شرح المختار من لزوميات أبي العلاء)

لابن السيد البطليوسي المتوفي سنة 521هـ أي بعد أبي العلاء بسبعين سنة،

وجدناه ينشد البيت على هذا النحو:

قد ترامت إلى الفساد البرايا

ونهتنا -لو ننتهي- الأديان

ورواية البطليوسي أوثق من رواية اللزوميات المطبوعة، لأنها أقدم من مخطوطاتها التي اعتمدت

عليها. على أن القصيدة التي ورد فيها هذا البيت تدل على تحريفه المتعمد فهو في القصيدة يمجد

عظمة الخالق.

والمعري نفسه علم بما يدس حساده عليه فكان يقول: أنا الشيخ المكذوب عليه،

وهذا ما جعل بعض من اتهمه بالإلحاد يرجع عن اتهامه،

كما فعل ابن الوردي حين اتهمه في كتابه (تتمة المختصر في تاريخ البشر)،

ثم رجع عن اتهامه وأثنى على حسن اتقاده وسلامة يقينه بعد أن أطلع على كتابه (ضوء السقط)،

وفي حاسديه يقول أبو العلاء:

بأي لسان ذامني متجاهل

علي وخفق الريح في ثناء

تكلم بالقول المضلل حاسد

وكل كلام الحاسدين هراء

ويقول أيضا:

تعاطوا مكاني وقد فتهم

فما أدركوا غير لمح البصر

وقد نبحوني وما هجتهم

كما نبح الكلب ضوء القمر

ثم نراه يستخف بحاسديه جهلا أو كيدا فيقول:

وكم من طالب أمدي سيلقى

دوين مكاني السبع الشدادا

يؤجج في شعاع الشمس نارا

ويقدح في تلهبها زنادا

ويطعن في علاي وإن شسعي

ليأنف أن يكون له نجادا

فلا وأبيك ما أخشى انتقاصا

ولا وأبيك ما أرجو أزديادا

لي الشرف الذي يطأ الثريا

مع الفضل الذي بهر العبادا

وكم عين تؤمل أن تراني

وتفقد عند رؤيتي السوادا

ولو ملأ السهي عينيه مني

أبر علي مدى زحل وزادا

أفل نوائب الأيام وحدي

إذا اجتمعت كتائبها احتشادا

قلتُ:: وهذا ما زلزل قلوب حاسديه وبثهم بثاً، ولا يفوتنا أن ندرك أنه في تلك الحقبة التي عاشها أبو

العلاء المعري كانت فترة فتن وبدأ الدين الذي نشره الصحابة رضوان الله عليهم يأخذ أشكالاً من

المذاهب فكال بعض علماء هذا المذهب التهم لعلماء ذاك المذهب، وعلماء هذا المذهب حقد على

أولئك من علماء مذهب آخر، وكثر الفساد واستشري بين الناس فمنهم من كان يظهر الدين ويعمل

السيئات ومنهم من يجاري الجواري والنساء والغناء وهو يحفظ القرآن وكذا الأمراء والحكام في

زمان المعري، فكان النقد لهم من قبله والنصح فلما وجد في نفسه منهم نفاقاً وحسداً لزم داره

ومسكنه وشرع في التأليف والتهذيب والزهد، فحسده واتهموه بما ليس فيه كما ورد في السرد عاليه.

وقد دخل عليه عالم خلسة وكان يسيئ له فخرج وقال: سمعته يردد آية من كتاب الله وتدمع عيناه

العمياوان، فعلمت منه الإيمان وأدركت هيبته ومخافته وصدقه من الله وأن الرجل محسود.

**

رويدك أيها القارئ الكريم انتظر بشوق،

فلي عودة وفي معيتي الكثير.

وكل حبي .. ريثما أعود ..

ختامه مسك

وكيف يجوز أن يتهم بالإلحاد

وهو القائل في تمجيد الله وتوحيده ما لم يقل به قائل من حكيم أو فيلسوف.

فمن ذلك قوله:

ليفعل الدهر ما يهم به

إن ظنوني بخالقي حسنة

لا تيأس النفس من تفضله

ولو أقامت في النار ألف سنة

وقوله:

نحن عبيد الله في أرضه

وأعوز المستعبد الحر

بفضل مولانا وإحسانه

يماط عنا البؤس والضر

أما يرى الإنسان في نفسه

أيات رب كلها غر

وقوله:

إذا سألوا عن مذهبي فهو خشية

من الله لا طوقا أبت ولا جبرا

وقوله:

لا أرض رأي ولاة قوم لقبوا

ملكا بمقتدر وآخر قاهرا

هذى صفات الله جل جلاله

فالحق بمن جهر الغواة مظاهرا

وقوله:

إذا آمن الإنسان بالله فليكن

لبيبا ولا يخلط بإيمانه كفرا

وقوله:

إن شئتما أن تنسكا , فاسكنا

وأنفقا المال الذي تمسكان

واعتقدا , في حال تقواكما

أنكما بالله لا تشركان

وقوله:

للمليك المذكرات عبيد

وكذاك المؤنثات إماء

فالهلال المنيف والبدر والفرقد

والصبح والثرى والماء

والثريا والشمس والنثرة

والضحى والسماء

هذه كلها لربك ما عابك

في قول ذلك الحكماء

وقوله:

مولاك , مولاك الذي ماله

ند وخاب الكافر الملحد

آمن به والنفس ترقى وإن لم

يبق إلا نفس واحد

ترج بذاك العفو منه إذا

ألحدت وانصرف اللاحد

وقوله:

اذكر إلهك إن هببت من الكرى

وإذا هممت لهجعة ورقاد

واحذر مجيئك في الحساب بزائف

فالله ربك انقد النقاد

تغشى جهنم دمعة من تائب

فتبوخ وهي شديدة الإيقاد

وقوله:

فتبارك الله الذي هو قادر

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير