تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فأمية بن الصلت أتى بمعنيين اثنين: أحدهما أن عطاءك زين والآخر أن عطاء غيرك شين وأما

أبو تمام فإنه أتى بالمعنى الأول لا غير.

ومن هذا الضرب قول علي بن جبلة:

وآثل ما لم يحوه متقدم وإن نال منه آخر فهو تابع

فقال أبو الطيب المتنبي:

ترفع عن عون المكارم قدره فما يفعل الفعلات إلا عذاريا

فعلي بن جبلة اشتمل ما قاله على معنيين أحدهما أنه فعل ما لم يفعله أحد ممن تقدمه وإن نال

منه الآخر شيئا فإنما هو مقتد به وتابع له وأما أبو الطيب المتنبي فإنه لم يأت بالمعنى الواحد

وهو أنه يفعل ما لا يفعله غيره غير أنه أبرزه في صورة حسنة.

ومن ذلك قول أبي تمام:

كلف برب المجد يعلم أنه لم يبتدأ عرف إذا لم يتمم

ومثلك إن أبدى الفعال أعاده وإن صنع المعروف زاد وتمما

فأبو تمام قال: إن الممدوح يرب صنيعه: أي يستديمه ويعلم أنه إذا لم يستدمه فما ابتدأه

والبحتري قال: إنه يستديم صنيعه لا غيره وذلك بعض ما ذكره أبو تمام.

وكذلك قال البحتري:

ادفع بأمثال أبي غالب عادية العدم أو استعفف

أخذه ممن تقدمه حيث قال:

انتج الفضل أو تخال عن الدنيا فهاتان غاية الهمم

فالبحتري أخذ بعض هذا المعنى ولم يستوفه.

وكذلك ورد قول ابن الرومي:

نزلتم على هام المعالي إذا ارتقى إليها أناس غيركم بالسلالم

أخذه أبو الطيب المتنبي فقال:

فوق السماء وفوق ما طلبوا فإذا أرادوا غاية نزلوا

وهذا بعض المعنى الذي تضمنه قول ابن الرومي لأنه قال: إنكم نزلتم على هام المعالي وإن

غيركم يرقى إليها رقيا وأما المتنبي فإنه قال: إنكم إذا أردتم غاية نزلتم وأما قوله " فوق السماء ". فإنه يغني عنه قول ابن الرومي " نزلتم على هام المعالي " إذ المعالي فوق كل شيء لأنها مختصة بالعلو مطلقا.

الضرب السادس من السلخ: وهو أن يؤخذ المعنى فيزاد عليه معنى آخر.

فمما جاء منه قول الأخنس بن شهاب:

إذا قصرت أسيافنا كان وصلها خطانا إلى أعدائنا فنضارب

أخذه مسلم بن الوليد فزاد عليه وهو قوله:

إن قصر الرمح لم يمش الخطا عددا أو عرد السيف لم يهمم بتعريد

وكذلك ورد قول جرير في وصف أبيات من شعره.

غرائب آلاف إذا حان وردها أخذن طريقا للقصائد معلما

أخذه أبو تمام فزاد عليه إذ قال في وصف قصيد له وقرن ذلك بالممدوح:

غرائب لاقت في فنائك أنسها من المجد فهي الآن غير غرائب

وكذلك ورد قول ولد مسلمة بن عبد الملك:

أذل الحياة وكره الممات وكلا أراه طعاماً وبيلاً

فإن لم يكن غير إحداهما فسيرا إلى الموت سيراً جميلاً

مثل الموت بين عينيه وال - ذل وكلا رآه خطبا عظيما

ثم سارت به الحمية قدما فأمات العدا ومات كريما

فزاد عليه بقوله:

فأمات العدا ومات كريما

ويروى أنه نظر عبد الله بن علي رضي الله عنه عند قتال المروانية إلى فتى عليه أبهة الشرف

وهو يبلي في القتال بلاء حسنا فناداه: يا فتى لك الأمان ولو كنت مروان بن محمد فقال: إلا

أكنه فلست بدونه قال: فلك الأمان ولو كنت من كنت فأطرق ثم تمثل بهذين البيتين

المذكورين.

وكذلك ورد قول أبي تمام:

يصد عن الدنيا إذا عن سودد ولو برزت في زي عذراء ناهد

أخذه من قول المعذل بن غيلان:

ولست بنظار إلى جانب العلا إذا كانت العلياء في جانب الفقر

إلا أنه زاده زيادة حسنة بقوله:

ولو برزت في زي عذراء ناهد

خل عنا فإنما أنت فينا واو عمرو أو كالحديث المعاد

أخذه من قول أبي نواس:

قل لمن يدعي سليما سفاها لست منها ولا قلامه ظفر

إنما أنت ملصق مثل واو ألحقت في الهجاء ظلما بعمرو

إلا أن البحتري زاد على أبي نواس قوله " أو كالحديث المعاد "

هكذا ورد قول البحتري أيضا:

ركبوا الفرات إلى الفرات وأملوا جذلان يبدع في السماح ويغرب

أخذه من مسلم بن الوليد في قوله:

ركبت إليه البحر في مؤاخرته فأوفت بنا من بعد بحر إلى بحر

إلا أن البحتري زاد عليه بقوله:

جذلان يبدع في السماح ويغرب

وكذلك ورد قول أبي نواس:

وليس لله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد

وهذا البيت قد لهج به الناس لهجا كثيرا ومنهم من ظنه مبتدعا لأبي نواس ويحكى عن أبي

تمام أنه دخل على ابن أبي داود فقال له: أحسبك عاتبا يا أبا تمام فقال إنما يعتب على واحد

وأنت الناس جميعا قال: من أين هذه يا أبا تمام قال: من قول الحاذق أبي نواس وأنشده

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير