تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذا اسْتَصْرَخْتِهِ لِلْحَرْبِ لَبَّى وخَفَّ إلَيْكِ مِنْ كُلِّ الْبِقاعِ

يَجودُ بِكُلِّ مُرْتَخَصٍ وغَالي لِيَدْفَعَ عَنْكَ غَاراتِ الضّباعِ

بُليتِ بِهِمْ صَهايَنَةً جياعًا فَسُحْقًا للصَّهايِنَةِ الْجِياعِ

سَتَكْشِفُ عَنْهُمُ الهَيْجاءُ سِتْرًا وتَرمِيهِمُ بِكُلِّ فَتَّى شُجاعِ (15)

ثم يدخل في وصف أخلاق اليهود, وطباعهم التي عرفوا بِها, فيقول:

وكَيْفَ يُصادِفُ العِبْريُّ نُجْحًا وَمَا أَخْلاَقُهُ غَيْرَ الْخِدَاعِ

قد اشْتَهَر اليَهُودُ بِكُلِّ قُطْرٍ بِأَنَّ طِبَاعَهُم شَرُّ الطّبَاعِ

قَدِ اغْتَرَّ الْيَهُودُ بِمَا أَصَابُوا بِأَرْضِ الْقُدْسِ مِنْ بَعْضِ الْقِلاَعِ

مَتَى كَانَ الْيَهُودُ جنُودَ حَربٍ وَكُفُؤًا لِلأعارِبِ في الصّراعِ (16)

ويختم القصيدة بِهذا الصوت المتحمس الذي يأتي من الشاعر الثائر مُتوجها إلى فلسطين العزيزة:

فَلَسْطينُ الْعَزِيزَةُ لا تَخَافِي فَإنَّ العُرْبَ هَبُّوا لِلدِّفَاعِ

بِجَيْشٍ مُظِلمٍ كَاللَّيْلِ غَطَّى حِيالَكِ كُلَّ سَهْلٍ أوْ يَفَاعِ

وما أسْيَافُهُ إلاَّ نُجومٌ رُجومٌ لِلْيَهوُدِ بِلا نِزَاعِ

يُرابِطُ في ثُغُورِكِ مُسْتَعِدًّا عَلَى الأهْباتِ لِلأمْرِ المُطاعِ

سَيَهْجُمُ مِنْ مَراكِزِهِ عَلَيْهمْ هُجومَ الآكِلينَ عَلى القصاعي

ونَحْنُ بَنِي العُروبَةِ قد خُلِقْنا نُلَبّي لِلْمَعارِكِ كُلَّ دَاعِي

لَنَا في الحَرْبِ غاراتٌ كِبارٌ وأيَّامٌ مُخلَّدَةُ الْمَسَاعِي

وكَيْفَ نَذِلُّ أوْ نَرْضَى انْخِفَاضًا ونَجْمُ جُدُودِنَا نَجْمُ ارْتِفَاعِ (17)

تتميّزُ هذه القصيدة بوضوح معانيها ويسرها, فهي في الأعم الأغلب بينةٌ معروفةٌ, بل قريبة مألوفة, لاتستغلق على الفهم, وتكثر فيها الألفاظ الجزلة الفصيحة, وتتّسم تراكيبها بالمتانة والسلاسة, فهي تخلو من التعقيد والوعورة, ويغلبُ على صورها أنَّها تقوم على التشبيهات المعروفة والسيوف, شأنَّها في ذلك شأن الصور في شعر العرب, وهي تشبيهات مستمدةٌ من مكونات الطبيعة المختلفة.

ولمحمد العيد أيضا قصيدة " هيجت وجدي " التي يردُّ فيها عن رسالة شعرية وجّهها إليه الشاعر الجزائري الشيخ أحمد سحنون (18) سنة 1948 م, وهي في معظمها حماس وتضامن مع فلسطين, وتَهديد ووعيد للصهاينة, فيقول:

قُلْ لابْنِ صَهْيونَ اغْتَرَرْتَ فَلا تَجُرْ إنَّ ابنَ يَعْرُبَ ناهِضٌ لِلَّثأرِ

أعْرَضْتَ عنْ خُطَطِ السَّلاَمِ مُولِّيا فَوَقَعْتَ مِنْهَا في خُطُوطِ النَّارِ

لاتَحْسبَنَّ بِأنَّ صُبْحَكَ طالِعٌ فالْبَدْرُ وَيْحَكَ خادِعٌ للسَّارِي

سَتَرَى أمانِيكَ التي شيّدْتَهَا مُنْهارةً مَعَ رُكْنِكَ الْمُنْهَارِ

القُدْسِ لابْنِ الْقُدسِ لاَ لِمُشَرَّدِ مُتَصَهْينٍ ومُهَاجِرٍ غَدَّارٍ

يالَجْنَةَ التَّقْسِيمِ حِدْتِ عَنْ الْهُدَى وسخَرتِ مِنْهُ فَبُؤْتِ بِالإنْكارِ

القِبلَةُ الأولى التي استَصْغَرتِها هي لِلْعُروبة قِبْلةُ الأنْظارِ (19)

ويسير في هذا الاتجاه شاعر آخر من شعراء الجزائر, وهو محمد جريدي (20) الذي كتب قصيدة شعرية يعالج فيها قضية فلسطين أيام النكبة, ويكاد ينفرد عن بقية الشعراء الجزائريين - الذين كانوا يعيشون يومئذ تحت سيطرة ورقابة ومطاردة الاستعمار الفرنسي البغيض - باللهجة الحماسية التي عالج بِها القضية " إنَّه وهو يعتلي المنبر مستنفرا ومستصرخا, لا يستنفر الشعب العربي في الجزائر, بل الشّعب العربي في كل قطر, ولا يكتفي بالتهديد الأعزل وهو يواجه الصهيونية, ولكنَّه يطلق الأوامر الصارخة وهو يستَثير الشعب العربي, ولا يرضى بالتغمة التقريرية المائعة, ولكنَّه يعمد إلى الومضات التعريضية الجارحة, مستمدا لها من شرف العروبة وقدسية الإسلام كل عناصر التأثير" (21) , فيقول:

أَيَا شَعْبُ جاهِرْ بالقِتالِ عَلَى العِدَا فَلَمْ يَبْقَ في دَفْعِ الْمَظَالِم كِتْمانُ

فَلَوْلاَ التهابُ العُنْصُرية في الْحَشَا لَمَا استَفُحَلتْ صَهْيون وانْدَاسَ عُربَانُ

فَوا عَجَبًا مِنْ قِصَّةِ الأُسْدِ, قَدْ غَدَتْ يُهَاجِمُهَا في الْمَرْبَضِ اليَوْمَ خِرْفانُ

تَنَمَّرَ كُفَّارُ (الكَلِيم) كَأنْ لَمْ يَنُص لَنَا عَنْ ذُلِّهِم قُرآنٌ قُرْآنُ (22)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير