تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولَمَّا تحدَّث الشاعر عن مأساة فلسطين, حمَّل العربَ مسؤولية ضياعها - على لسان فلسطين - يقول:

لَقَدْ كانَ لي سَبَبٌ لِلْبَقَا فَقَطَّعَ قَوْمي أسْبابِيَهْ

ورُحْتُ أُبَاعُ, وأُشرَى كَمَا كَما تُباعُ لجزارها الْماشِيَهْ

وأُشْنَقُ في حَبْلِ مُسْتَعمِري وَأُصْلَبُ في كَفِّ جَلاَّدِيِهْ

وفَرَّقَنِي (الخُلْفُ) أيْدِي سَبَأ وشَتَّتَ في الأرْضِ أوصالِيَهْ

فأَصْبَحْتُ أرْسُفُ في مِحْنَتِي وقَومِي - عن مِحْنتي- لاهِيَهْ

وَفِي سُكْرةِ ضَيَّعُوا عِزَّتِي وَلَمْ يُغْنِ عَنّي سُلْطانِيَهْ

فَلاَ أَنَا حَقَّقْتُها بِيَدِي وَلا سَلَّحَ العُرْبُ أَبْنَائِيَهْ (31)

والقصيدة طويلة تقع في تسعين بيتًا, وآخرها تفاؤل بالنصر بشرط أنْ يعتصم العرب جميعا بحبل الله ولا يتفرقوا, فهو يعد بنصر من ينصره, ولن يُخْلفَ وعده, ولا ريب أنَّ ساعة النصر آتية لا محالة, حيث يقول في آخر القصيدة:

فَإِنْ تَنْصُروا اللهَ يَنْصُرْكُمُ ويُنْجِزْ أَمَانِيكُمُ الْغالِيَهْ

وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ مِيعَادَهُ وَلاَ رَيْبَ ... ساعَتُنَا آتِيَهْ (32)

ولمفدي زكرياء أيضا قصيدة طويلة في تسعة وأربعين بيتا موسومة بـ " الله من سيناء كلم يعربا - إلى فلسطين الذبيحة " يخاطب فيها ضمائر العرب بعد أن خاطب عواطفهم, وبين لهم انكشاف الزيف, ويعري لهم عن طبيعة هذا الخصم العنيد الذي لا يفقه إلا لغة الرصاص:

صَرَخَ الضَّميرُ, وَرَجّتِ الأقدار وانْقَضَّ مِنْ عَدْلِ السّماء قَرارُ

وقَضَى الرَّصَاصُ تَباركَتْ كَلِماتُهُ وَمَضَى القصَاضُ, وَهَانَتِ الأعْمارُ

والله مِنْ (سيناءَ) كَلَّمَ يَعْرُبَا فَتَمَاوَجَتْ لِنِدَائِهِ الأحْرَارُ

والنّارُ, في الوادي المُقَدّسِ مَا انْطفَتْ يَا قَوْمَ مُوسَى بَعْدَ مُوسَى النَّارُ

والْعَارُ تَغْسلُه الدِّماءُ زكِيّة أَمَا كَسَا شرَفَ العُروبةِ عَارُ

يا قِصَّةَ الآبَاءِ, لَيْسَ بِخَالِدٍ في الكْونِ شَعْبٌ يَكْتَسِبُهُ صِغارُ

الْمَوتُ أَشْرَفُ مِنْ حَياةٍ تُسْتَبَى فِيهَا الرِّقابُ, وتُسْتَباحُ دِيارُ (33)

لقد حشد الشاعر في هذه القصيدة صورا كثيرة, الهدف منها التحريض والتحفيز على قتال اليهود الذين اعتدوا على فلسطين ظلما وعدوانا بعد ان تاهوا في الأرض أربعين عاما كما ورد في القرآن الكريم, يقول:

ولِتَخْسف الأرضُ الجَريحةُ بالأولَى لَمْ يَأْوِهِم في الْعالَمِينَ قَرارُ

لَفَظَتْهُمُ الدُّنْيا, فَجُمع رجسُهُم كَشهَادةِ عَنْ زُورِه اسْتِعمارُ

ذهَبَ الأصيلُ عن الدَّخيلِ ضَحيةً وأُقِيمَ دونَ اللاَّجِئينَ جِدَارُ

وغَدَتْ سَمَاسِرَةُ الظَّلام تَسُومُها مَا شَاءَهُ التُّجارُ وَالسّمارُ

وَغَدَتْ فَلَسْطينُ الذَّبيحَةُ دَمْنَةً في قُدْسِهَا, تَتَراكَمُ الأقْذارُ (34)

فَكَأنَّهَا بِيَدِ القَويّ بَيادِقُ وَكأنَّ أَقْدارَ الشُّعوبِ قِمارُ

وَكَأنَّ (مَجْلِسَ أمْنِهَا) سُخْريةٌ مَفْضوحَةٌ وَقَرارُهُ اْسِتهْتارُ

يَا غَضْبَةَ الأجْيَالِ, صُبِّي لَعْنةً يَصْعقُ بِهَا الْمُستَعمِرُ الغدَّارُ (35)

ويختم القصيدة بتقديم النصيحة لأبناء الأمة العربية كافة, يدعوهم إلى الجهاد والى حمل السّلاح والمشاركة الفعلية في الحرب ضد عصابات الاستعمار الصهيوني البغيض, ولكي يُثيرَهُم أكثر لنصرة دين الله ولتطهير مقدساتِهم من جرّاء ما لحقها من هذه العناصر الغريبة والممقوتة التي تسلّلت إلى صميم قلب الإسلام وراحت تعبث فيه, طفق يشيد بالرعيل الأول من المسلمين الذين حاربوا الكفار في معارك مختلفة في بدر وفي القادسية وفي غيرهما وانتصروا عليهم, وينوّه بشجاعة أبناء المغرب العربي الذين انتصروا حديثا على الاستعمار الفرنسي البغيض بفضل إيمانِهم الصارم بقضيتهم, فلم لا نستفيد من تجاربِهم إذن؟ , يقول:

يَا أَيُّهَا العُرْبُ الْكِرامُ كَرَامَةً فَالأَمْرُ جِدُّ وَالْحُظوظُ كِبَارُ

اللهُ أَنْجَزَ وَعْدَه هَلْ تُنْجِزُوا؟ وَهَلِ العَدُوُّ أَمامَكُم يَنْهارُ؟

سُوقُوا عِصَاباتِ الضِّباع فَلَمْ يَكُنْ يَخْشَى الضِّبَاعَ الضَّيْغَمُ الْهُصارُ!

إِنْ يَسُْط ذِئبُهُم وَنَحْنُ جَماعةٌ إِنَّا إذَنْ في الأرْذَلينَ خَسَارُ

في القادِسِيةِ خالِدٌ نَاداكُم ومِنَ الْحِجَازِ مُحَمّد المُخْتارُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير