اللهُ أكْبَرُ جَيشُ الْعَربِ يَنْتَصِر على الطُّغاةِ, وجَيْشُ الْغَدرِ يَنْدَحِر
وَقَدْ أَطَلَّتْ عَلَى (يافا) فَيالِقُنا مِثْلُ العَمالِقِ, مِثْلُ الرَّعْدِ تَتَفَجُّر
للثَّأْرِ سارَتْ مَعَ الأحْرارِ صَاعِقَةٌ لِلنَّصْرِ عاصِفَةٌ, تَغُْزو وَتَنْتَشِر
يا فَرْحةً حَضَرتْ للعربِ غالِيةً عِشْرونَ عامًا وجَيْشُ الْعَربِ يَنْتَظر
فالْيَوم مَوْعِدُنَا صهيون نُحَطِّمُها في تَل أبيبِ, وجيش الْخَصم يَحْتَضر (53)
وفي 30 جوان 1967م وقف الشّاعرُ نفسه يخاطب الفلسطينيين بقصيدة موسومة بـ "الفلسطيني ", وقد توحدت نبرة الشاعر بنبرة الشعب الفلسطيني كله, حيث قال:
لاَ تودِّعْني وَقَدْ حانَ الْوَداعُ واجبُ العُرْبِ يُنَادي لِلّدِفَاع
ألْهِبِ الْمَيدانَ نارًا تَتَلَظَّى حَرِّرِ القُدْسِ وأَقْداسَ الْبِقاع
لاَ تَقُلْ سالتْ دُمُوعِي خَوْفَ ثَكْل إنَّمَا دَمْعي يُنَادِي الْقُدْسَ ضَاع
فَإِلى الميدان يَا أَغْلى حَبِيبٍ لاَ تُفَكِرْ في الثكالى والجياع
لَمْ يَعِشْ في الْمَجْدِ مَنْ كَانَ جَبَانَا إنَّما الْمَجْدُ لِمَنْ بِالرُّوحِ باع (54)
وفي شهر أوت (آب) من سنة 1974 م انعقد المؤتمر الثالث للطلبة الفلسطينيين في قصر الصنوبر بالجزائر, وفي اختتام المؤتمر ألقى الشاعر قصيدة شعرية بعنوان " طعنة الغدر " وتقع في أربع وثلاثين بيتا, مطلعها:
مِنْ صَمِيمِ الْبَدْءِ مِنْ غَيْبِ السَّماء أَنْتَ وَحْيُ اللهِ أرْضُ الأنْبِياء
وفيها يقول:
أرْضُ قُدْسِي أرْضُ عَدْنَانَ وإنّي مِنْ تُرابِ الْقُدْسِ عَظْمي وَدِمَائِي
مِنْك لَحْمِي يَا فَلَسْطينُ وَرُوحِي أنَا جُزْءٌ مِنْك يا أَرْضَ الضّياء
يَا فَلَسْطينُ أَرَاك الْيَومَ حَرْبًا وَصُمودًا حَوْلَ أَقْدَاسِ اللّواء
وآخرها قوله:
فَابْعَثُوهَا مِنْ جَدِيدٍ أَرْضَ عُرْبٍ يَسْطَعُ الْقُدْسُ بِنُورِ الأنْبِياء (55)
وهناك شعراء آخرون نسجوا على نفس المنوال, فتغنوا بفلسطين, وبعروبتها, وأشادوا بكفاح أبنائها, أمثال: أحمد الطيب معاش, وعبد الكريم العقون, ومحمد الأخضر السائحي, ومحمد أبو القاسم خمار, وعمر البرناوي, وغيرهم (56).
ملاحظات ختامية:
لا أريد أن أطيل اكثر من هذا في عرض هذه النماذج الشعرية (غير المستقصاة) , من الشعر الذي تجاوب فيه الجزائريون مع إخوانِهم الفلسطينيين, وقد اجتهدنا في التنقيب عنه في جملة من المظان, آثرنا تجميعه في هذه السطور, واكتفينا ببعض المقطعات والقصائد دفعا للسآمة والملل. وهناك مجالات أخرى لم أَشَأْ أن أتحدث عنها, فهناك نثر, ومقالات, وأبحاث عن فلسطين, والنضّال الفلسطيني, ولكن أردت فقط أن أتحدث عن الملامح العريضة لهذا الشعر, وأنْ أشير إلى أهم الخصائص الفنية العامة فيه من خلال الملاحظات الآتية:
1 - من حيث المنهج: فبعد استعراض نماذج مختلفة ومتعددة من شعر الشعراء الجزائريين الذين تجاوبوا مع قضية فلسطين تبين ان هؤلاء الشعراء لم يلتزموا بمنهج الشعر العربي القديم من حيث تعدد الأغراض وتشعب الموضوعات, فشعرهم موحد الغرض في القصيدة الواحدة أو المقطعة الواحدة, فهم يدخلون إلى الموضوع مباشرة من غير مقدمات, ويبدو أن الشعر الثوري لا يلتئم مع الفنون الأخرى لا سيما إذا كان مصدرها عاطفة اللذة كالغزل مثلا ...
2 - يلاحظ أنَّ الشعر الثوري لدى الشعراء الجزائريين صادق العاطفة غير متكلف لأن هؤلاء الشعراء كانوا يؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية ويحرصون على الثورة ضد المغتصبين الصهاينة فكانوا يهدفون, إذن, إلى التعبير عن شعورهم عن هذه القضية التي يعتبرونَها قضيتهم, ولم يكونوا يستغلون هذا الحديث عن الثورة للوصول إلى أهداف أخرى كالمدح مثلا, كما كان يفعل بعض الشعراء المغاربة, وغيرهم ... ولكنهم كتبوا هذا الشعر عندما عناهم المصاب وأثارتهم اللوعة, فعبرّوا بحرارة وصدق عاطفة, عاطفة شعراء مكلوميّى الأفئدة في الغالب, عانوا من بطش الاستعمار الفرنسي كما عانى الفلسطينيون من جبروت الاستدمار الصهيوني ...
¥