توفي ذو الرمة عام 117 هـ، وهو في حدود الأربعين من عمره، ودفن بالدو على مسيرة ثلاث ليال قبل مدخل الدهناء، وقيل إن قبره بأطراف عناق من وسط الدهناء مقابل الاواعس، وهي أجبل شوارع يقابلن صريمة النعام وهذا الموضع لبني سعد.
كأي شاعر فقد تضاربت حول وفاته الآراء، فمنها كان ان موته سببه نفور ناقته منه، وقد طفق يتابعها إلى ان مات، وآخرون قالوا انه توفي بسبب الحجر في اليمامة، أو بالجدري، وكلها آراء تتضارب بين باحث وآخر، ولكن إذا ما عدنا إلى شعره وجدناه يشكو المرض، ولكن لا ندري ان كان هذا المرض هو الذي أماته أم لا، ولكنه وصف عجزه التام عن الحركة مما يوحي بأنه كان في آخر أيام، والله اعلم:
أتتني كلاب الحيّ حتى عرفنني ومدت نسوج العنكبوت على رحلي
ويروي بعض من أرخوا له انه قال فبل وفاته: "لا تدفنوني في الوهاد والغموض، وطلب ان يدفنوه في حزوى، وهي كثبان مرتفعة بالدهناء.
ديوانه من حيث:
طبعاته
قصائده
موضوعاته
المؤثرات العامة في شعره
السمات الفنية لشعره
* ديوانه
ان لكل شاعر، مهما كان العصر الذي يعيش فيه، شعر يُروى عنه، ويُحفظ له في عقول وقلوب الناس ومؤلفات الكُتاب ومعاجم المترجمين، زد على ذلك انه كان للشعراء قديما رواة يرافقونهم ويروون أشعارهم، وينقلون الشعر بين الناس ليبقى محفوظا في الصدور، ولكن حين تطورت الثقافة العربية وزادت حركة التدوين والتأليف بدأ الحافظون لتلك الأشعار يدونونها على شكل دواوين لأصحابها، خاصة للشعراء الجاهليين، وان الأمر ذاته قد كان بالنسبة لشاعرنا ذي الرمة.
لقد حفظ الناس ما حفظوا من شعره، وما سمعوه من رواة الشعر والأخبار، وما سمعوه من غناء القيان، وخاصة ما يتعلق بالحب الوصف، وبقي محفوظا إلى ان تم تدوينه في مخطوطات وتوالت بعد ذلك محاولات التدوين والتنسيق والتهذيب لهذا الديوان وطبعاته، إلى يومنا هذا.
- طبعاته
إن لذي الرمة ديوان مطبوع، يحوي قصائده التي تم حفظها عبر الزمن، وقد تمت طباعة ديوانه أكثر من مرة وبعدة تحقيقات، وقد تمكنت من رصد تلك الطبعات:
1. ديوان شعر ذي الرمة طبعة أوروبا، على نفقة كلية كمبريدج، عُني بتصحيحه وتنقيحه كارليل هنري هيس مكارتني 1337هـ، مجلد ضخم 700 صفحة.
2 - ديوان ذي الرمة، المكتبة الأهلية بيروت 1352هـ.
2. شرح بائية ذي الرمة للصنوبري تحقيق د. محمود حلاوي - مؤسسة الرسالة بيروت 1406هـ.
3. ديوان ذي الرمة - غيلان بن عقبة - حققه الأستاذ د. عبد القدوس أبو صالح في 3 مجلدات ضخمة، طبع عام 1392هـ، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، وقد بذل المحقق جهوداً كبيرة في الحصول على طبعات الديوان ومخطوطاته التي بلغت 40 مخطوطاً، أحدها لم يحصل عليه من روسيا إلا بعد أن زودهم بمخطوط طلبوه.
4. ديوان ذي الرمة، تحقيق أحمد بسج، عام 1995م، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
5. ديوان ذي الرمة (بشير يموت)، عام 1934م، بيروت، المكتبة الأهلية.
6. الشوامخ (محمد صبري)، الجزء الثالث، ذو الرمة، عام 1946م، القاهرة.
- قصائد الديوان
أ. عددها وحروف الروي فيها:
لاحظت من خلال البحث في قصائد الديوان انه يتكون من 222 قصيدة ومقطوعة، موزعة على حروف الروي التالية: الهمزة، والباء، والتاء، والجيم، والحاء، والدال، والراء، والزاي، والسين، والشين، والصاد، والضاد، والطاء، والعين، والفاء، والقاف، والكاف، واللام، والميم وهو أكثرها مع الراء، والنون، والواو، والياء.
وان هذا لقدر لا بأس به من النتاج الشعري، ونلمح من خلاله ان الشاعر كان مرهف الإحساس، يتأثر بكل ما حوله، فينظم فيه مباشرة، ويدل على ذلك كثرة المقطوعات التي كان يقولها – في اغلب ظني- ارتجالا بحسب الموقف الذي اثر فيه وثارت خلجات فؤاده له.
ب. أغراضها:
يلمح المتفحص والباحث في ديوان ذي الرمة ان معظم القصائد والمقطوعات تدور حول وصف الصحراء بكل ما فيها من مشاهد وأحداث، ويصورها بطريقته الخاصة، من حيث خلع العاطفة الإنسانية عليها، وتحريك الصوامت.
كما تدور نسبة كبيرة من قصائده حول الغزل، وبالأخص حول الحديث عن المحبوبة ميّ، فينظم في شوقه وألمه، ووصف جمالها ومفاتنها، وتصوير معاناته ومكابدته، ورحلة محبوبته، وما يلاقيه ويعانيه في حبها، كما يتحدث بشكل مسهب وكبير عن دموعه وبكائه.
¥