تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[06 Jan 2008, 09:47 م]ـ

وفقك الله

عندما قال الصحابة في تفسير قوله تعالى: {بلسان قومه} أي بلسان قريش، هل كانوا يعنون أن لسان قريش يعبر عن اللسان العربي عموما؟ أو لأن لسان قريش يعبر عن لسان العرب أكثر من غيره؟

أراك يا أستاذي الكريم قد انطلقت في فهم هذا الأثر انطلاقا عكسيا من مفهوم معين لديك، فأردت أن تفهم النص بناء عليه، وهذا خطأ منهجي لا ينبغي أن يقع فيه الباحث.

فالأثر الذي رواه البخاري رحمه الله واضح الدلالة في أن المقصود أن القرآن نزل بلسان قريش دون لسان غيرهم من العرب، وبغض النظر عن وجود لغات قبائل أخرى في القرآن، فإن المراد من الأثر واضح، وهو أنهم عند الاختلاف في كتابة ألفاظ القرآن يكتبونها بلسان قريش، وهذا واضح جدا في أن المراد به ألسنة القبائل المختلفة.

وأما قولك:

(((أترى الخالق سبحانه استخدم لفظ اللسان وأعرض عن اللغة وهما مستويان في الدلالة؟! أم أنه - وكما تعلم- أن القرآن نزل بالأفصح والأشهر، وهل تجد في القرآن الكريم ذكر اللسان بمعنى اللهجة أم بمعنى لغة شعب من الشعوب المتباينة؟! أفنتبع اختيار القرآن أم أقوال الإنسان؟)))

فأقول:

ذكرت سابقا أنه لا يشترط أن يكون المذكور في القرآن أفصح من غيره، بل قد يستويان في الفصاحة، وقد يختلفان مع فصاحة كل منهما، ولذلك يستعمل القرآن ألفاظا في موضع ويستعمل غيرها في موضع آخر في نفس القصة، مثل (انفجرت) و (انبجست) وغير ذلك كثير، ولم يقع في القرآن النداء بالهمزة وهو فصيح اتفاقا.

ولو سلمنا أن لفظ اللسان استعمل في القرآن دون اللغة لسبب، فلا نسلم أن هذا السبب هو أن اللسان أفصح من اللغة، بل قد يكون السبب أن اللسان أدق في المقصود وأقرب إلى المراد، وقد يكون السبب أن هذه هي لغة قريش، وقد يكون السبب غير ذلك، فلا حاجة لحصر السبب في الفصاحة، وحتى لو كان السبب هو الفصاحة فلا يلزم من فصاحة لفظ أن غيره خطأ أو نادر أو شاذ، بل قد يكون صحيحا فصيحا وإن كان دون غيره.

وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من الألفاظ والتعبيرات التي لم ترد في القرآن وهو أفصح العرب، كما في حديث (حمدك واسترجع) فإن الفصيح المذكور في القرآن (قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) ولم يقل: (استرجعوا) أفترى أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل لفظا غير فصيح لأن ما ورد في القرآن بخلافه؟!

وأما أن القرآن فيه ذكر اللسان بمعنى اللهجة، فقد قدمت ذكر الأثر الذي في صحيح البخاري، وهو واضح الدلالة في أن المراد اللهجة، ولو لم يكن في الباب غيره لكفى، فما بالك وفي الباب كثير من الآثار عن السلف.

وأما أننا نتبع اختيار القرآن أم أقوال الإنسان، فنحن نتبع القرآن ولا شك، ولكن من الذي يبين لنا المراد من القرآن؟ ومن الذي يشرح لنا معاني القرآن؟ لا سيما وقد اختلفنا الآن في بيان المراد، فإذا لم يكن أهل العلم الذين أفنوا أعمارهم في خدمة هذا الدين بهذه المنزلة فمن يكون؟

وأما سؤالك عني إذا أردتُ التعبير عن لغة قوم آخرين، فسأستعمل لفظ (اللغة) ولفظ (اللسان) على حد سواء؛ وهذا ما كنت أفعله بالفعل في مدوناتي وبحوثي من قبل؛ لأن هذا ما جرى عليه أهل العلم قديما وحديثا، وأتمنى أن أجد عن واحد منهم خلاف ذلك حتى أعرف أني مخطئ.

وأشكر لكم سيدي الفاضل سعة صدركم وحواركم المثمر، وجزاكم الله خيرا.

ـ[عبدالغني الكعبوني]ــــــــ[07 Jan 2008, 02:02 ص]ـ

حفظك الله أبا مالك وسدد خطاك:

فكيف توجه قولك:" فالأثر الذي رواه البخاري رحمه الله واضح الدلالة في أن المقصود أن القرآن نزل بلسان قريش دون لسان غيرهم من العرب، وبغض النظر عن وجود لغات قبائل أخرى في القرآن" وقولي:" فمن الطبيعي قول ذلك لأن لسان قريش يمثل اللسان العربي أكثر من غيره " مع قول الحق عز وجل {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ ... } إبراهيم4، المؤطر بقوله تعالى {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} الشعراء195.

ثم كيف تقول:" وأما أن القرآن فيه ذكر اللسان بمعنى اللهجة، فقد قدمت ذكر الأثر الذي في صحيح البخاري، وهو واضح الدلالة في أن المراد اللهجة، ولو لم يكن في الباب غيره لكفى، فما بالك وفي الباب كثير من الآثار عن السلف. فهل التنصيص والتفسير لا فرق بينهما. وهل هذا المنهج سليم.؟!!

أما قولك:" حتى أعرف أني مخطئ". فما خطأتك في شئ - أيها الشيخ الفاضل- ولا خلاف جوهري بيننا، ولو أفترضناه حتى، لن نحيد عن قول الإمام الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"!! وقوله أيضًا: "والله، لوددت لو أن الله يظهر الحق ولو على لسان خصمي"؛ فما بالك وفضيلتك وصاحبك، في حوار شيق نهدف من خلاله إلى الخروج بفائدة لعل أحدهم يطلع عليها ويدعو لنا في ظهر الغيب.

وعموما ولما كان الخلاف بسيطا ولكوننا متفقين في كبريات هذا الموضوع، فإني أتوجه إليك بجزيل الشكر وفائق الإحترام، على إثرائك هذا الموضوع، فجزاك الله خيرا وبارك في علمك وعملك. ووفقنا لما يحبه ويرضاه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير