قالَ أَبُو السُّعُودِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ العِمَادِيُّ الحَنَفِيُّ (ت:982هـ): (وقدْ تُجَرَّدُ عن المعْنَى الثَّانِي، فيُرَادُ بها مُجَرَّدُ صُدُورِ الفعلِ عن المُتَعَدِّدِ عارِياً عن اعْتِبَارِ وُقُوعِهِ عليهِ، فيُذْكَرُ للفعلِ حينَئذٍ مفعولٌ مُتَعَدِّدٌ كما في المثالِ المذكورِ، أوْ واحدٌ كما في قولِكَ: تَراءَوُا الهلالَ.
وقدْ يُحْذَفُ لظُهُورِهِ، كما فيما نحنُ فيهِ، فالمعنى: عنْ أيِّ شيءٍ يَسْأَلُ هؤلاءِ القومُ الرسولَ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ والمؤمنينَ؟). [إرشاد العقل السليم: 7/ 84]
نقله مَحْمُود الأَلُوسِيُّ (ت:1270هـ) [روح المعاني: 29/ 3]
المناسبة:
قلت: (هذا المعنَى ذَكَرَهُ بَعْضُ المفَسِّرِينَ وَجْهَاً فِي تَفْسِيرِ الآيةِ مِنْهُم: الزَّمَخْشَرِيُّ، والرَّازِيُّ، والبيضاويُّ، والنسفيُّ، وابنُ عادِلٍ).
المعنى الثالث: إفادة وقوع الفعل من متقابلين على مفعول مشترك
مثاله: تنازعا الحديث، وتعاطيا الكأس، وتقاسما المال
قالَ مَحْمُود الأَلُوسِيُّ (ت:1270هـ): (وذَكَرَ بعضُ الْمُحَقِّقِينَ أنه قد يكونُ لصيغةِ التفاعُلِ على الوَجْهِ الأوَّلِ مفعولٌ أيضًا، لكنَّه غيرُ الذي فَعَلَ به مِثلَ فِعْلِه، كما في: تَعَاطَيَا الكأْسَ، وتَفَاوَضَا الحديثَ. وعليه قولُ امرِئِ القيْسِ:
فلَمَّا تَنَازَعْنا الحديثَ وأَسْمَحَتْ هَصَرَتْ بغُصنٍ ذي شَماريخَ مَيَّالِ). [روح المعاني: 29/ 3]
قالَ مَحْمُود الأَلُوسِيُّ (ت:1270هـ): (وكذا مَجيئُه مُتَعَدِّيًا إلى غيرِ الذي فُعِلَ به مِثلَ فِعْلِه كما سَمِعْتَ). [روح المعاني: 29/ 3]
المعنى الرابع: إفادة تكرر وقوع الفعل من فاعل واحد
مثاله: تمارى، تثاءب
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ مالكٍ الطائيُّ الجَيَّانيُّ الأَنْدَلُسيُّ (ت: 672هـ): (والذي أغْنَى عن المجردِ؛ كـ: تثاءَبَ، وتَمَارَىَ). [شرحِ التسهيلِ: 3/ 455]
قال عبدُ الرحمنِ بنُ أبي بكرِ بنِ محمدٍ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (والإغناء عنه؛ كـ: تثاءَبَ وتَمَارَى). [همعِ الهوامعِ: 3/ 304]
قالَ أَبُو السُّعُودِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ العِمَادِيُّ الحَنَفِيُّ (ت:982هـ): (ورُبَّمَا تَجَرَّدَ عنْ صُدُورِ الفعلِ عن المُتَعَدِّدِ أيضاً، فيُرادُ بها تَعَدُّدُهُ باعتبارِ تَعَدُّدِ مُتَعَلَّقِهِ معَ وَحْدَةِ الفاعلِ، كما في قولِهِ تعالى: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}). [إرشاد العقل السليم: 7/ 84]
نقله مَحْمُود الأَلُوسِيُّ (ت:1270هـ) [روح المعاني: 29/ 3]
قالَ مَحْمُود الأَلُوسِيُّ (ت:1270هـ): (فمَن قالَ: إنَّ (تَفاعَلَ) لا يكونُ إلا من اثنين, ولا يكونُ إلا لازِمًا، فقد غَلِطَ، كما قالَ الطبليوسيُّ في شرْحِ أَدَبِ الكاتبِ إن أرادَ ذلك على الإطلاقِ، وَلَيْتَ شِعرِي كيفَ يَصِحُّ ذلك مع أنَّ مَجيءَ تَفَاعَلَ بمعنى فَعَلَ غيرُ مُتَعَدِّدِ الفاعِلِ كتوانَى وتَدَانَى الأمْرُ, وتعالى اللهُ عمَّا يُشرِكون جِدًّا، وكذا مَجيئُه مُتَعَدِّيًا إلى غيرِ الذي فُعِلَ به مِثلَ فِعْلِه كما سَمِعْتَ). [روح المعاني: 29/ 3]
قالَ مُحَمَّدُ الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت:1393هـ): (والتَّساؤُلُ: تَفاعُلٌ، وحقيقةُ صِيغَةِ التَّفاعُلِ تُفيدُ صُدورَ مَعنى المادَّةِ الْمُشْتَقَّةِ منها مِن الفاعِلِ إلى الْمَفعولِ، وصُدورَ مِثْلِه مِن الْمَفعولِ إلى الفاعِلِ، وتَرِدُ كَثيراً: لإفادَةِ تَكَرُّرِ وُقوعِ ما اشْتُقَّتْ منه، نحوُ قولِهم: ساءَلَ، بمعنى: سَأَلَ.
قالَ النابِغَةُ: أُسَائِلُ عنْ سُعْدَى وقدْ مَرَّ بعْدَنا على عَرَصَاتِ الدارِ سَبْعٌ كوَامِلُ
وقالَ رُوَيْشِدُ بنُ كَثيرٍ الطائِيُّ: يا أيُّها الراكِبُ الْمُزْجِي مَطِيَّتَهُ سائِلْ بَنِي أسَدٍ ما هذه الصَّوْتُ). [التحرير والتنوير: 30/ 7 - 9]
المعنى الخامس: إفادة قوة وقوع الفعل من الفاعل
مثاله: تعالى الله، تبارك الله
قالَ مُحَمَّدُ الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت:1393هـ): (وتَجيءُ لإِفادَةِ قُوَّةِ صُدورِ الفِعْلِ مِنَ الفاعِلِ؛ نَحْوُ قولِهم: عافاكَ اللهُ، وذلك إمَّا كِنايةٌ أو مَجازٌ). [التحرير والتنوير: 30/ 7 - 9]
المعنى السادس: تفاعل بمعنى فعل
قال عبدُ الملكِ بنُ محمدِ الثَّعالبيُّ (ت: 430هـ): (ويكونُ من واحدٍ؛ نحوُ: تَرَاءَى له). [فقهِ اللغةِ: 1/ 86]
¥