ليعني أن النبيين والرسل في الدنيا كأهل الجنة قد هداهم ربهم إلى الطيب من القول وإلى صراط مستقيم ولا يملك أحدهم لنفسه ضلالا ولا زيغا كما في قوله ? أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله ? النور 50 ويعني أن رسل الله لا يحيفون ولا يميلون عن الحق أبدا بما هداهم ربهم ووفقهم إذ هداهم ربهم فاهتدوا ومن قبل قد آتاهم حكما وعلما وجعلهم أئمة يهدون غيرهم من الناس بأمره وإذنه وأوحى إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وهداهم في الدنيا إلى الطيب من القول وإلى العمل الصالح فلا يخطئونه ولا يضلون عنه، وسيأتي من البيان في كليتي ? اهدنا الصراط المستقيم ?.
وأما هداية عامة الناس فإنما تعني تبينهم ما جاء به النبيون والرسل من الهدى والبينات والإيمان به واتباعه من غير ضلال عنه إلى غيره مما تهوى الأنفس.
ولقد تضمن تفصيل الكتاب وبيان القرآن أن لكل من الهداية المعداة ب" إلى " والهداية المعداة ب "اللام " والهداية المجردة منهما مدلول خاص مختلف عن الآخر.
أما الهداية المباشرة المجردة من التعدية بالحرف كما في قوله:
• ? وهديناهما الصراط المستقيم ? الصافات 118
• ? ويهديك صراطا مستقيما ? الفتح 2
• ? ولهديناهم صراطا مستقيما ? النساء 68
فسيأتي بيانها في كليتي ? اهدنا الصراط المستقيم ?.
وأما الهداية المعداة بـ "إلى " فتعني التبيّن وعدم اللبس ولقد أسند فعلها إلى الله وإلى الرسل وإلى القرآن.
فأما إسنادها إلى الله رب العالمين فكما في قوله:
• ? ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ? الأنعام 87
• ? إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم ? النحل 120 ـ 121
• ? لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ? النور 46
• ? وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم ? الحج 54
ويعني أن الله بيّن لهم الصراط المستقيم وعرفه لهم بالوحي كما سيأتي بيانه.
وأما إسنادها إلى الرسل فكما في قوله:
• ? وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ? الشورى 52
• ? أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ? يونس 35
ويعني حرف الشورى أن النبي الأمي ? قد بين الصراط المستقيم للناس ودلهم عليه إذ قرأ عليهم القرآن المنزل من عند الله إليهم.
ويعني حرف يونس وصف الرسل بأنهم هم الذين يهدون إلى الحق وأنهم أحق أن يتبعوا أما الله فهو الذي يهدي الرسل والنبيين للحق قبل أن يكلفهم بأن يهدوا الناس إلى الحق وهكذا لم يكن في تفصيل الكتاب تكليف الناس باتباع الذي يهدي للحق في هذا الحرف إذ هو الله الكبير المتعالي.
وأما إسنادها إلى القرآن فكما في قوله:
• ? قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ? الجن
• ? قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ? الأحقاف 30
ويعني أن القرآن يهدي إلى الرشد وإلى طريق مستقيم أي يجعل من تدبره يتبين منه الرشد والطريق المستقيم إلى النجاة فلا يلتبسان عليه بالغي والضلال إلى طريق الهلاك والعذاب وكذلك دلالة قوله:
• ? إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ? الإسراء 9
• ? ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ? الشورى 52
• ? وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدي من يريد ? الحج 16
ويعني أن الكتاب المنزل من عند الله قد تضمن علامات وأوصاف لن يضل معها من تدبره واهتدى بهداه بل سيهتدي به للتي هي أقوم وإلى الرشد وأن الله يهدي به من يشاء أي يجعله يتبين الحق ويهتدي إلى الصراط المستقيم كما سيأتي بيانه.
ولقد تضمن تفصيل الكتاب أن الهداية المعداة بـ " اللام " إنما أسندت إلى الله وإلى القرآن، أما إسنادها إلى الله ففي قوله:
• ? وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا ? الكهف 24
• ? قل الله يهدي للحق ? يونس 35
• ? فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ? البقرة 213
• ? يهدي الله لنوره من يشاء ? النور 35
¥