تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الدلالة المعجمية: (ق. ر.أ) أصل صحيح دال على الجمع والاجتماع والضم، وهي معان تفيد القوة. وترد سائر المشتقات إلى هذا الأصل باطّراد. ولا ينقض هذا الأصل استعمال مادة قرأ في القراءة أو الإلقاء، فالقراءة تؤول إلى الجمع، لأن المراد بها ضم الحروف والكلمات في الترتيل، والتلفظ بها وإلقاؤها مجموعة. وكلمة "قرآن"، وإن صارت علماً مختصاً بكتاب الله، فإنها تتضمن هذه المعاني لاشتقاقها من مادة قرأ.

الدلالة الصرفية: تبلغ مادة (قرأ) ذروة القوة، حين تصاغ على وزن (فعلان)، لأن هذه الصيغة ذات قوة دلالية خاصة بين الصيغ والكلمات التي تم تشكيلها وفقا لهذا القالب دليل ذلك.

ومن هنا تكون كلمة (قرآن)، قد جمعت عبر رحلتها التكوينية، كافة مقومات القوة التي يوفرها الدرس اللغوي للخطاب في حالته الإفرادية. ولما كانت هذه الكلمة عَلماً مختصاً بكتاب الله، بحيث لا يشاركه في ذلك غيره، وكان العَلم، علامة مقصورة على المسمى، وشارة خاصة به، وافية في الدلالة عليه، صح القول: إن سمات لفظة (القرآن)، انعكاس لسمات مماثلة مقصودة الحضور في محمولها، وأمكن تنزيل الخصائص المستفادة من التحليل اللغوي، على النص القرآني نفسه، لنخلص إلى أن القرآن، نص مطلق وجامع، على نحو مستوعب للزمان والمكان والإنسان، وقوي بالقدر الذي يتحقق به التحدي والإعجاز، أنزله الله عز وجل للهداية، فبلغت فيه مواصفات اليسر والوضوح والحسن الغايةَ، كما أودع فيه مقومات تكفل له الحفظ، لتؤمن عطاءه المستمر، وتعمل على تثبيت مفاهيمه، لتضمن رسوخها الدائم.

2. تحليل التراكيب:

* تفسير القرآن:

تثير إضافة التفسير إلى القرآن، إشكالاً معرفياً يترجمه التساؤل عن مدى حاجة هذا الكتاب الفعلية إلى مفسر، يضطلع بمهمة بيانه، ويتولى النطق عن مراده، وعمّا إذا كانت تلك الحاجة - في حال تأكدها- ذاتية لصيقة بالنص، ونابعة عن نقصان في قدرته البيانية، أو عرضية راجعة إلى التدني التدريجي لملكات المتلقي، ومحدودية سقفه المعرفي. ويقتضي حل هذا الإشكال، تسليط الضوء على مسألتين مهمتين هما: القدرة البيانية للنص القرآني، والطاقة الاستيعابية للمتلقي البشري، وذلك لتحديد وجه الحاجة إلى التفسير، ومعرفة القصور - الذي يتهدد كل قناة اتصال- إن حصل ذلك.

القدرة البيانية للنص القرآني: على نقيض ما توهم به وساطة التفسير، من إدانة لقدرة القرآن البيانية، على اعتبار أن غير المبيَّن هو الذي يحتاج إلى بيان، فقد تضافرت أدلة عدة، تجعله في قمة الوضوح والبيان:

أولها، ما نبه عليه الزركشي، من أن كل من وضع كتاباً، فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح، ومفاد ذلك، أن الحاجة إلى الشروح أمر حادث، يستدعيه طارئ عرضي يلزم من وجوده حصول تلك الحاجة، ومن ارتفاعه انتفاؤها.

وثاني الأدلة، كون الله وصف القرآن بأنه نور مبين، وكتاب مبين، نزل بلسان عربي مبين، وأن آياته بينات ومبينات، تؤهله ليكون بينة، لا تبين للناس ما اختلفوا فيه فحسب، وإنما هي تبيان لكل شيء. وفضلاً عن صفة البيان، فقد أكد الله تعالى أن القرآن ميسر للذكر فقال: ?ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر? (القمر:7). وإذا علمنا أن "التيسير هو إيجاد اليسر في الشيء، وأن اليسر هو السهولة وعدم الكلفة في تحصيل المطلوب، وأن القرآن المتصف به في الآية كلام، تبين لنا أن معنى تيسيره يرجع إلى تيسير ما يراد من الكلام، وهو فهم السامع المعاني التي عناها المتكلم به، دون كلفة ولا إغلاق. وهذا اليسر يحصل من جانب الألفاظ وجانب المعاني؛ فأما من جانب الألفاظ، فذلك بكونها في أعلى درجات فصاحة الكلمات وفصاحة التراكيب، أي فصاحة الكلام، وانتظام مجموعها. وأما من جانب المعاني فبوضوح انتزاعها من التراكيب."

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير