إن قوله ? ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون ? يونس 82 من قول موسى قد وقع لما ضرب بعصاه البحر فانفلق ونجى الله موسى ومن معه أجمعين وأغرق فرعون وجنوده، ومن المثاني معه قوله ? ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون ? الأنفال 7 ـ 8 وهو من الموعود المنتظر الذي لم يقع بعد بل إن أهل الباطل اليوم أكثر نفيرا وأولوا بأس شديد، وإنما سيقع الموعود فيمكن الله لأهل الحق ويعذب أهل الباطل ويهلكهم بكلمات الله إذا وافقت الأجل الذي جعل الله لها ليقع النصر من الله العزيز الذي قضى بتأخيره ووعد بإنفاذه وإن تأخر لحكمة بالغة هي حكمة الحكيم.
وإن البشرى للذين آمنوا في الحياة الدنيا كما في حرف فصلت لهي القول الثابت الذي سيثبتهم الله به في الدنيا كما في حرف إبراهيم ولا يخفى أن الذين آمنوا سيرون الملائكة تبشرهم في الآخرة فكذلك سيرونها تبشرهم في ليلة القدر.
ويعني تثبيت الذين آمنوا في ليلة القدر أنهم سيرون الملائكة معها العذاب والفزع لكن لن ينالهم من الملائكة إلا البشرى والتثبيت ليقوموا ليلة القدر إيمانا واحتسابا يصلون ويدعون ربهم وهم موقنون ببشارة الملائكة أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع كما يأتي بيانه في كلية الكتاب، فيغفر الله لهم ما تقدم من ذنوبهم كما في الأحاديث النبوية الصحيحة.
ويعني قوله ? ويضل الله الظالمين ? إبراهيم 27 أنه سيضلهم عن أسباب النجاة من العذاب في فجر ليلة القدر ويعذبهم ويذهبهم فلا يعاني منهم الذين آمنوا أبدا بل تكون العاقبة للمتقين كما يأتي بيانه.
إن روح القدس جبريل الذي نزل القرآن على قلب خاتم النبيين ? سيثبت الذين آمنوا في ليلة القدر بالقرآن كما هو المتلو منه والمقروء في فصلت ويونس وإبراهيم وكما هو دلالة حرف البقرة والنحل والأنفال وأول الفتح.
ولقد نصر الله من النبيين من قبل بجنود السماوات وهم الملائكة وبجنود الأرض ومنهم المؤمنون قبل نزول القرآن كما في قوله ? ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما ? الفتح 4 وسينصر الله كذلك بهما النبي الأمي ? بعد نزول القرآن وعدا منه سيكون متأخرا كما هي دلالة الاسمين العليم الحكيم لدلالة علمه على غيب أخبر عنه قبل أن يكون شهادة، ولدلالة حكمته على تأخر ذلك المعلوم لحكمة بالغة.
ويعني حرف عمران والأنفال أن الملائكة في بدر لم تقاتل وإنما كانت بشرى للمؤمنين ولتطمئن قلوبهم إلى أن الله سينصرهم بها إذا تنزلت في ليلة القدر الموعودة بأمر ربها الذي أهلك به الأولين، وإن تأخر النصر بالملائكة قرونا كثيرة حتى يذوقوا الهوان والذل والصغار هو من قضاء الله، ووعد بنفاذه.
ويعني حرفا عمران والأنفال أن إنزال ألف من الملائكة مردفين بألف أو ألفين تأتي بعدهم لتتم ثلاثة آلاف من الملائكة منزلين قد تنزلوا في بدر بشرى بالنصر الموعود في ليلة القدر التي سيمد ربنا فيها المؤمنين بخمسة آلاف من الملائكة مسومين.
وإن السكينة التي أنزلها الله في قلوب المؤمنين الذين بايعوا النبي الأمي ? كما في حرف الفتح هي اطمئنان قلوبهم كما في حرف عمران والأنفال، وليقعن مثله للمؤمنين في ليلة القدر.
وإن قوله ? وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوّا كبيرا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا الملك يومئذ الحق للرحمان وكان يوما على الكافرين عسيرا ? الفرقان 21 ـ26 ليعني حوادث منفصلة في يومين مستقبلان بعد نزول القرآن وهما من الوعد والغيب الذي لا إيمان لمن لم ينتظره ويؤمن به أنه آت ...
¥