تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما الفاصلة (المنفردة) (8) – وهي نادرة – فهي التي لم تتماثل حروف رويّها، ولم تتقارب، كالفاصلة التي خُتمت بها سورة (الضحى) (المكية): ( ... فأمّا اليتيمَ فلا تَقهرْ / وأمّا السائلَ فلا تَنهرْ / وأمّا بِنِعمة ِربِّكَ فحَدِّثْ).

الفاصلة أقسام من حيث توافر الوزن و انتفاؤه، ومن حيث اجتماع الوزن مع عنصر آخر، أو انفراده، فهناك (المطرّف) أو (المعطوف) (9)، وهو ما اتفق في حروف الروي لا في الوزن، نحو قوله تعالى: (ما لكم لا تَرجونَ للهِ وَقاراَ / وقد خلقكم أطواراً) (نوح:31 - 14). وهناك (المتوازي) (10): وهو رعاية الكلمتين الأخيرتين في الوزن والرويّ، مثل قوله تعالى: (فيها سُرُرٌ مَرفوعةٌ / وأَكوابٌ موضوعةٌ) (الغاشية:13 - 14). وهناك (المتوازن) (11): وهو ما راعى في مقاطع الكلام الوزن وحسب، كقوله تعالى: (ونمارِقُ مَصفوفةٌ/ وزَرابيُّ مبثوثة ٌ) (الغاشية:15 - 16). وهناك المُرصّع (12): وهو أن يكون المتقدّم من الفقرتين مؤلفاً من كلمات مختلفة، والثاني من مثلها في ثلاثة أشياء: وهي الوزن والتقفية وتقابل القرائن، كقوله تعالى: (إنَ إلينا إيابَهم /ثمّ إنّ علينا حِسابَهم) (الغاشية:25 - 26). وهناك أخيراً (المتماثل) (13) وهو: أن تتساوى الفقرتان في الوزن دون التقفية، وتكون أفراد الأولى مقابلة لما في الثانية، فهو بالنسبة إلى المُرَصَّع كالمتوازن إلى المتوازي. قال تعالى: (وآتيناهما الكِتابَ المُستَبِينَ / وهديناهما الصِّراطَ المُستقِيمَ) (الصافات: 117 - 118). فالكتاب والصراط يتوازنان، وكذا المستبين والمستقيم، واختلفا في الحرف الأخير.

لكل فاصلة قرينة، جمعها قرائن، سميت بذلك لمقارنة أختها ن وتُسمّى فِقْرة، غير أن الفِقرة أعمّ من القرينة، لأنها مماثلة لقرينتها بحرف الرويّ (مسجوعة)، وغير مماثلة، والقرينة لا تكون إلا مماثلة، والقرينتان في النثر بمنزلة البيت من الشعر (14). وقد ترتب على طول الفقرة وقصرها أقسام، قال قوم: هي ثلاثة أقسام: قصير موجز، ومتوسط مُعجز، وطويل مُفصح للمعنى مُبرز (15). ومن القصير ما يكون من لفظ واحد، أو عدد من الحروف: (آلم- ح~م –ط~سم) أو (الرحمن – الحاقة – القارعة). وأطول الفقرات القصار ما يكون من عشر لفظات. وما بين هذين متوسط، كقوله تعالى: (والنجمِ إذا هوى/ما ضلّ صاحبُكم وما غوى/ وما يَنطِقُ عن الهوى /إنْ هوَ إلا وَحيٌ يُوحى) (النجم:1 - 4).

من الفواصل ما هو آية كاملة، وما هو بعض آية، وهذا النوع الثاني هو النوع الغالب المضطرد. والفاصلة التي تستغرق آية ترد في فواتح السور، وهي على شكلين:

الشكل الأول: المؤلف من مجوعة حروف مثل: (أل~م – ح~م –ط~سم).

الشكل الثاني: المؤلف من كلمة مثل: (الرحمن) أو (الحاقَّة) أو (القارعة).

أما الفواصل التي هي بعض آية، فعلى وجهين: أحدهما ما كان جزءًا من الآية، لا تقوم الآيات إلا به، ولا تستقل هي بمفهوم في غير آياتها، وذلك كثير في القرآن الكريم، كقوله تعالى: (والنجمِ إذا هوى ... ) وأكثر قصار السور جاءت فواصلها على هذا النحو من الاتصال. ثانيهما: ما جاء وكأنه تعقيب على الآية، أو تلخيص لمضمونها، أو توكيد لمعناها .. وقد تصرف القرآن في هذا تصرفاً عجيباً، فجاء بالفواصل بعد الآيات كأنها رجع الصدى، أو إجابة الداعي إذا دعا (16)، كقوله تعالى: (وردّ اللهُ الذين كفروا بِغيظِهم لم يَنالوا خيراً، وكفى اللهُ المؤمنين القتالَ وكانَ اللهُ قويّاً عزيزاً) (الأحزاب: 10).

هناك نوع من الفواصل يرد ضمن الآية، كقوله تعالى: ( ... لتعلموا أنَّ اللهَ على كلّ شيءٍ قدير وأنَّ الله قد أحاطَ بكلّ شيءٍ عِلماً) (الطلاق:12)، فلفظ (قدير) فاصلة داخلية بالإضافة إلى (علماً) الفاصلة في رأس الآية. وهذه الفواصل الفرعية أو الداخلية أنواع، تنقسم انقسام الفواصل الأصلية: إلى فواصل متماثلة ومتقاربة، وغير متماثلة وغير متقاربة، وبمعنى آخر متباعدة، والفاصلة الداخلية ظاهرة من ظواهر القرائن والفقرات الطويلة، لأنها تقوم مقام المرتكزات والمحطّات النفسية معنى وموسيقى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير