رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفكرة الحلول هذه أو انتقال شيء من النبوة بمعنى من المعاني إلى علي وذريته من بعده، مع فكرة الإمامة لسيدنا علي ثم أبنائه ثم كذا إلى الثاني عشر أشاعت فكرة المهدي المنتظر .. وللعلم ليس هناك أموي واحد من بني أمية طيلة العهد الأموي إلا كانوا ينتظرون أن يأتي منهم مهدي، وعد بعضهم عمر بن عبد العزيز مهدي الأمويين؛ لأنه ملأ الأرض عدلا ومنع بعض المظالم إلى آخره.
والمختار السقفي من العباسيين حين استولى على بعض المناطق جاء بوضاع من وضاعي الحديث، وقال له أدفع لك عشرة آلاف درهم وتضع لي حديثا ينطبق على مواصفاتي يقول إنني أنا المهدي المنتظر، فالوضاع قال له والله إني لأخشى الله أن أضع على لسان نبيه كلمة .. فادفع لي ألفا واحدا وأضعها على لسان واحد من الصحابة، ودخلوا في مفاوضات كثيرة نجدها في "موضوعات ابن الجوزي".
حينما تتبعت تاريخيا كم مهدي ظهر في هذه الأمة، كان عندنا حوالي 150 مهديا وكلهم يدعي أنه المهدي المنتظر .. يعني ادعاء القحطاني في تشيمان، وقضية الحرم في أول هذا القرن، وحدث ذلك عندما احتلوا الحرم وحصلت الفتنة المعروفة، والله جل شأنه أنهاها بلطفه بعد أن انتهك حرمة الحرم من قبل هؤلاء، وأغلقت أبوابه بحجة أن المهدي لازم ينادى به بين الركن والمقام.
أنا شخصيًّا أستطيع أن أريك رسائل عندي من شخصين مختلفين من بلدين مختلفين يراسلاني ويزعم كل منهما أنه المهدي المنتظر، ويستحلفني ويسر إليَّ بهذا ويقول إنني أريد أن أعينك مساعدا عندي تساعدني في هذه القضية.
* هل هم شخصيات معروفة .. يعني علماء أو مشاهير؟
- لا أبداً .. هم مجاهيل صغار، وهناك عام 1908 صدر كتاب باللغة الإنجليزية وأعتقد أنه ما زال في الأسواق (" the mahde in Islam" المهدي في الإسلام) الكتاب هو عبارة عن قصة لفقتها المخابرات الأمريكية " C.I.A" بالتعاون مع بريطانيا، وأخيراً انضمت إليهم " K.B.G" في روسيا.
فاتفقت الأجهزة الثلاثة على صناعة المهدي وتمرير المشروع الغربي كاملاً بطريقة في منتهى الفجاجة والاستخفاف بالعقل المسلم .. وهذا الكتاب موجود في الأسواق وطبع عدة مرات، تجده في فنلندا، تجده في نيويورك، تجده في تورنتو (في كندا) طبع عدة مرات، أنا عندي في بيتي نسختان منه، وعرضته على بعض المسئولين العرب والمسلمين وقلت لهم: ترجموه واجعلوا الناس تفهم ما الذي يدبر.
هذا جانب .. كون هذه الظاهرة تتكرر في عالمنا الإسلامي، يعني عندنا 150 مهديا إلى اليوم، ألا تلفت النظر؟!! لو أن الأمة عندها وعي بقضية "ختم النبوة" باعتباره محدداً منهجيًّا ما كان هذا الاعتقاد قد تسرب بهذه الطريقة، أو لم يكفهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهل ترك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شيئا لم يعلمه لنا.
لقد علمنا كل ما نحتاجه، وهذا القرآن الكريم فالله تعالى يقول: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ... } فالدين كامل والقرآن كامل، ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يفارق هذه الدنيا - عصمه الله وحماه وحفظه من المشركين ومن أهل الكتاب ومن جميع أعدائه إلى أن أدى الرسالة وأكملها وقال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً}.
فما الذي سيفعله هذا المهدي؟ وما الذي سيفعله عيسى؟ الأمم الآن لم تعد تخضع ذلك الخضوع المطلق لأفراد، يعني آخر ظاهرة خضوع للفرد، الخميني في إيران، ومع ذلك لم يكن كل الإيرانيين مؤيدين له، بل كان بعضهم معترضين عليه، هو لم يدعِّ المهدية ولم يستطع، وإنما أقصى ما استطاع أن يقوله (ولاية الفقيه)، فقال لهم: إذا كان هناك مهدي منتظر ما عندنا مانع، ننتظره الانتظار الإيجابي بأن نفعل كل ما يجب عليه فعله، والفقيه هو الذي يشرف على إدارة الموضوع، إن جاء المهدي مرحبًا به سلمناه له، وإن لم يأت فنحن في انتظاره!!.
وأحمد الكاتب وهو كاتب عراقي من أصل حوزوي وهو عالم من علماء الشيعة، كلفته الحوزة بدراسة موضوع المهدي لتعزيز ولاية الفقيه، فاستمر مدة عشر سنوات متفرغًا لدراسة هذا الأمر، وخرج بكتاب ودراسة تقول إن فكرة المهدي هي ذاتها فكرة المخلص عند النصارى وعند اليهود، ونشر كتابه بعنوان (الفكر السياسي الشيعي) وبين أنها فكرة سياسية طرحت لأسباب معينة.
¥