تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فأنا حينما أقول إن فكرة المهدي هي فكرة المخلص، ودخلت إلينا من خلال التفاسير، وربما صاغها البعض أحاديث لمصلحة ما، هذا يستدعي النظر والتدقيق ونقد متونها وأسانيدها بدل المرة ألفا، وهناك أحاديث أخرى في الصحيحين وفي غيرها، هي في حاجة إلى إعادة نظر.

الاجتهاد حق

* لكن البعض يعتقد أن البخاري ومسلم وعلماء الحديث على مر العصور قد كفوا الناس مؤنة هذا البحث، ووضعوا من القواعد ما ضمن صحة ما رووه .. فما تعقيبكم .. ؟

- يا سيدي أنا بوصفي طالب علم من حقي ألا أقبل أحاديث ما، قديكون صح سندها عند غيري، لكني اكتشفت في السند عيبا، أو صح متنها عند آخرين ونقدت المتن واكتشفت به عيباً، وفقاً للمنهج الأصولي، كما فعلت في حديث الردة حديث (من بدل دينه فاقتلوه) درست جميع طرقه وكما درست طرق حديث (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث) وكما درسنا حديث (ستفترق أمتي على بضع وسبعين شعبة).

هذه الأحاديث مشتهرة على الألسن وصححها كثيرون، لكن وجدنا فيها عيوباً وفقاً لمناهج المحدثين، فما العيب أن يقوم طالب علم أو شخص مختص بدراسة وفق المناهج التي وضعها المحدثون، ليثبت لنا أن هذا الحديث فيه عيب لم يكتشف ويكتشفه، {كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك} أنا لا أدعي لنفسي أي شيء فيها أنا مجرد طالب علم أخطئ وأصيب.

وكل العلماء متفقون على أن الحديث إذا خالف القرآن يُنحى، القرآن هو الذي يؤخذ به، هو الحاكم على الحديث، هو المصدق والمهيمن على تراث النبيين كافة، فلم أفعل أنا شيئا غير هذا، ولم أتجاوز الحدود المرسومة لدى المحدثين ولدى أهل العلم.

والإمام البخاري نفسه -رحمه الله- اختار صحيحه الذي لا يتجاوز عدة آلاف اختاره من سبعمائة وخمسين ألف حديث صحيح، فهل أقول إن الإمام البخاري أنكر السنة؛ لأنه نحى 6 إلى 7 آلاف حديث من طريقه ولم يأخذ بها؟ لا .. هو حدد منهجا معينا بضوابط معينة، وكان له فقهه ووضع فقهه في عنوان كتابه، فاختار ما يناسبه، ولذلك تراه أحياناً يضع العنوان ولا يأتي بحديث، فهل الذي يوجد عنده 750 ألف حديث يعجز أن يأتي بحديث منها يضعه تحت هذا العنوان، ولكن لم يصح عنده وفقاً لقواعده.

ومعلوم أن هناك أحاديث صحت عند البخاري رفضها مسلم؛ لأن "مسلم" عنده شروط والبخاري عنده شروط وهذه أمور فنية، فهؤلاء الذين ينكرون علينا إن أنكروا بعلم فالمفروض أن يحجزهم علمهم، وإن أنكروا عن جهل فالمفروض إلجام العوام عن علم الكلام، العامي من لا يعرف هذه الفنون من لا يطلع على هذه العلوم يجب أن يخرس لسانه، لا يخوض فيما لا يعرف، لا يهرف بما لا يعرف.

هذه الأمور لها أناس عندهم اختصاص، وأنا على حافة هذا طالب علم أحاول، أخطئ وأصيب، وأطلب ممن يكتشف خطأ عندي أن يقومني، وأن يصوب لي خطئي، وأن يبين لي الصواب، لكن أن يتهمني، ويشتمني .. هذا أمر مخالف للمنهج العلمي، للمنهج القرآني في الأساس.

كل ما هنالك يرون أن الإنسان إذا بدأ نقاشا علميا في موضوع فيه سنة فكأنه ينكر السنة، لا تلازم بين هذا وذاك .. يعني مثلا: الإمام أبو حنيفة هل يستطيع أحد أن يتهمه بأنه أنكر السنة، فهو لم يأخذ بقوله عليه الصلاة والسلام، {لا نكاح إلا بولي .. } مع أن الحديث صحيح، بل بلغ حد الشهرة ولم يأخذ به؛ لأن الله في القرآن قد نسب النكاح إلى المرأة وقال {حتى تنكح زوجاً غيره}، وقال: {ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}.

فإذا كان الإمام أبو حنيفة رحمه الله عليه يفعل هذا ولم يتهم بأنه قد أنكر السنة وإنما هو نحى حديثا لصالح فهمه للنص القرآني "حتى تنكح زوجاً غيره"، قال نسب إليها النكاح فلم ينسبوا إليها إلا إذا نكحت فإنما تنكح نفسها ونحى أيضا "لا نكاح إلا بولي" فهل هو في هذا منكر للسنة.

* فضيلة الدكتور .. إذا كان تعليل فضيلتكم أساسه فهم النص القرآني، فمسألة نزول المسيح عليه السلام فيها نص قرآني حسب فهم البعض بعيدا عن الأحاديث ومدى صحتها متنا وسندا .. يعني قوله تعالى عن المسيح عليه السلام: {وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها} وقوله عنه أيضا: {ويكلم الناس في المهد وكهلا} حسب فهم البعض للمقصود بالكهولة حين عودته مرة أخرى .. وقوله تعالى: {إني متوفيك ورافعك .. } فكيف تحلون هذا الإشكال؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير