- بداية .. عيسى لم يتعرض لما قيل إنه "صلب" إلا وهو كهل .. الكهولة تبدأ من سن الثلاثين، يعني إذا كان هؤلاء يفهمون اللغة العربية فاللغة العربية تقسم مراحل حياة الإنسان العمرية إلى مرحلة طفولة وهي من سنتين لأربعة، مرحلة تتميز وهي بعد سن الخامسة، مرحلة مراهقة وهي لحين البلوغ مرحلة شباب وهي مرحلة ما بعد الرابع والعشرين، مرحلة رجولة وهي من 24 إلى 30، مرحلة كهولة وهي من 30 فما فوق، مرحلة شيخوخة من 50 فما فوق، وهذه لغة عربية يستطيع أي واحد أن يرجع إلى قواميس اللغة، ويرى كيف تعامل العرب مع كلمة صبي وطفل وصبية وطفلة ومراهق وبالغ وشاب وشايب ورجل وكهل وإلى آخره.
سيدنا عيسى حينما ابتعث كان في الثلاثين يعني بأنه بقي سنتين أو أكثر في بني إسرائيل يدعوهم إلى الاعتراف به، وإلى تصحيح مسارهم، وهناك من يرى أنه قضى ست سنوات أو أكثر يعني هو كان كهلاً {ويكلم الناس في المهد وكهلاً} وقد تكلم في الكهولة.
والذين يقرءون القرآن مجزأ يلتقطون منه مثل ما يلتقطون الشواهد الشعرية، طبعا لن يفهموا، ولكن حينما يقرؤون القرآن الكريم بوحدته البنائية فسيجدون أن سيدنا عيسى قد كلم الناس كهلا، بمعنى أن عيسى -عليه السلام- كان عبارة عن نبوة تصحيحية لبني إسرائيل {ورسولا إلى بني إسرائيل}.
فهذا نص لا يتحمل أي تأويل ولا تفسير، فالذي يكون مخصصًا من قبل الله إلى بني إسرائيل كيف يصبح رسولاً للعالم لولا أن مصلحة النصرانية العالمية ومصلحة التنصير تقتضي تأكيد هذه العقيدة المنحرفة من عقائد المسلمين، لكي تنص على مصلحة الإسلام إلى جانب مصلحة اليهود، فالآن نحن نحارب بهذه العقيدة .. اليهود يرون أنهم سيقيمون "الهيكل" من أجل أن ينزل المسيح، اليهود يعتبرون أن الإبادة للعرب ومعركة هرمجدون إذا ما كان يفهمها هؤلاء إنما هي تمهيد لنزول السيد المسيح، وأن هذا السيد المسيح هم مختلفون عليه سموه المشابه ويعتبرونه يهودي، والنصارى يرون بأنه المسيح "عيسى بن مريم".
وللأسف النصوص الإسلامية الواردة في هذا من بعض الأحاديث هي أيضا إلى صف النصارى في هذا، يعني لو سلمنا فيما يقولون، لماذا يأتي السيد المسيح بعد خاتم النبيين، إلا لإزالة صفة الختامية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفتح أبواب المتنبئين.
تحرير المصطلحات
* ولكن يا أستاذنا ليس هناك تلازم أبداً بين نزول المسيح وبين ختم النبوة للنبي (صلى الله عليه وسلم)؟
- لماذا؟
* لأنه سوف يكون تابعًا للنبي (صلى الله عليه وسلم)، وسيصلي كما جاء في نص الحديث خلف إمام من المسلمين، ولن يأتي بتشريع جديد ينسخ تشريع النبي صلى الله عليه وسلم .. فالبعض يمكن أن يعترض على طرحكم بهذه الطريقة .. ؟
- هذا من قبيل التأويل؛ لأن لديهم أحاديث تقول إنه ينزل على المنارة البيضاء في دمشق ويجد المهدي هو الذي يؤم الناس، فحينما يشعر المهدي -ولا أدري كيف يشعر وهذا يصلي إماما وهذا يأتي من الخلف- بأن السيد المسيح قادم يتأخر عن المحراب، ويقدم السيد المسيح، فيقول السيد المسيح له: "لا .. أئمتكم منكم"، ويصلي خلف المهدي ثم يقتل الدجال إلى آخره .. هذه الأحاديث في حاجة إلى محدثين أكفاء يقومون بعملية إعادة نقد متونها وأسانيدها؛ لأن هناك أحاديث كثيرة دخلتنا عن طريق يسميه علماء الحديث بطريق "السابرين" .. المهم أننا نحتاج الآن -وعندنا الوسائل الكثيرة- إلى أن نشتغل شغلا جادًّا على السنة وبنفس معايير المحدثين .. لن نخرج عنها.
وما أريد أن ألفت النظر إليه أن قضية نزول السيد المسيح ليس عليها من القرآن الكريم دليل، والعقائد اليقينية عندنا كلها قد جاء القرآن بها تؤمنون بالله، ملائكته، كتبه، رسله، اليوم الآخر وآيات القدر عندنا حوالي 40 آية وردت في فهم القدر الفهم الصحيح السليم.
فهذه هي أركان العقيدة عندنا، وعقيدتنا عقائد قطعية يقينية لا يمكن أن تثبت بالطريقة الظاهرية، وبالتالي عندنا مذهب واحد هو الذي اعتبر أن خبر الآحاد إذا ثبت ولم يعارض القرآن -ووضعوا حوالي 16 شرط قالوا- يقبل في العقائد، وفتحوا علينا الباب الذي أدخل علينا قضية المهدي والسيد المسيح.
¥