تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- نعم بارك الله فيك .. ولكن أرادوا أن يفتحوا المجال للاجتهاد حتى يدخلوا منه .. الإمام الشافعي يقول: "الاجتهاد هو حالة نفسية وعقلية أرادها الله أن تكون حالة هذه الأمة الخيرة الشاهدة المخرجة للناس لكي تقوم بأدوارها في الحياة .. ".

رؤية قرآنية لفهم السنة النبوية

* أعتقد أن الإشكال الأكبر هنا يا دكتور يكمن في التعارض .. بمعنى .. إذا كان هناك نص من السنة صحيح صريح يتعارض مع فهم لنص قرآني كفهمكم مثلا لقوله تعالى: " ... ولكن رسول الله وخاتم النبيين ... " أيهما أقدم الفهم أم النص .. ثم .. ما القواعد التي تحكم فهم النص القرآني من البداية؟

- حينما فهم الإمام أبو حنيفة رحمه الله من قوله تعالى "حتى تنكح زوجا غيره" أن المرأة ليست بحاجة إلى ولي ينكحها مع وجود نص قرآني آخر "بيده عقدة النكاح"، مع ذلك الإمام أبو حنيفة قال: "هذا يدل على أن للمرأة أن تنكح نفسها بنفسها" وعزز ذلك بقوله تعالى: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن .. " مع أن "لا نكاح إلا بولي" حديث صحيح.

لكن النقد الذي وجهه الإمام أبو حنيفة أن ظاهر القرآن قال كذا وأن المفترض على رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباع القرآن، فإذا جاء ما يدل على أن هناك استقلالا يتوقفون، حتى لو لم يحكم بالتعارض القاطع، يعني تعارض بين سنة وكتاب هذا منتف تماما، لكن الأخذ بظواهر الكتاب عندهم أولى من الأخذ بسنن حتى لو صحت.

* حتى لو صحت؟

- نعم .. حتى لو صحت؛ لأن القرآن الكريم قطعي في ثبوته وحتى في دلالته نسبة عالية في ذلك، والأصل فيه القطع، والسنة وأخبار الآحاد هي ظنية، فيقدم القطعي على الظني ..

قد تقول المعنى فيه اختلاف! فهنا نأتي إلى عمليات الترجيح .. وقبل أن استطرد في هذا دعني اقرأ شيئا مما كتبه الإمام الشافعي في شيء لصيق بما نحن فيه يقول: "أخبرنا عبد العزيز عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن المطلب بن حنطب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به ولا تركت شيئا مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه)، ويقول: وما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ليس لله فيه حكم -يعني بخصوصه وليس حكما مطلقا- فبحكم الله سنه .. " يعني بالكلي من القرآن.

فالإمام الشافعي هنا يؤكد ويسلم أن كل ما سن رسول الله هو بحكم الله تعالى، يعني استنبطه من القرآن الكريم .. "ليس لله تعالى فيه حكم فبحكم الله سنه .. " أي بخصوص دليل جزئي، قال: "وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كتاب الله وسن فيما ليس فيه بعينه نص الكتاب"، فكلمة "بعينه" هنا مهمة جدًا، يعني الدليل الجزئي ..

فإذن الإمام الشافعي وهو إمام أهل السنة في هذا يؤكد أنه ليست السنة مستقلة في التشريع استقلالا كاملا، وإنما هي تبع للقرآن الكريم في كل ما يسن.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الذي رواه عنه المطلب بن حنطب يؤكد هذا، فالفصل بين السنة والقرآن بالطريقة التي يفهمها بعض الناس هذا فصل لم يكن عند السلف ولا كان مشتهرًا في القرون الثلاثة الخيرة.

معروف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبع للقرآن في كل ما جاء به، وقد خوطب بهذا "يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما"، "اتبع ما أوحي إليك من ربك" اتباع يعني متابعة واحد يلي الآخر "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون"، "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين".

إذن المفروض على رسول الله صلى الله عليه وسلم الاتباع، وعليه صلوات الله وسلامه البلاغ، وشهد الله له بأنه بلغ وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه بأنه بلغ، فهذا الفصل غير صحيح وغير وارد ..

وأنا سأقرأ لك وثيقة معاصرة من مجمع البحوث والأزهر حول عملية استقلال السنة بالتشريع التي هي مثار النزاع، وأيضا سنجد أن الأزهر قد أقر فتوى الشيخ عبد الله المشد حول نفس الموضوع.

* قبل القراءة يا دكتور لأن هذا الموضوع مهم وخطير .. دعني أقول خلاصة ما تريد فضيلتك قوله حسب ما فهمت أنا "لا استقلال للسنة بالتشريع ولا حجية لها إلا من خلال ارتباطها بالقرآن الكريم" .. هل هذا صحيح؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير