تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

*ذهب إلى أن الإيلاء لا يرتفع إلا بالرجوع، والرجوع لا يحصل إلا بالمباشرة لا بالقول فقال:" والرجوع لا يكون إلا عن مرجوع عنه، وقد تقدم منه يمين واعتقاد، فأما اليمين فيكون الرجوع عنها بالكفارة لأنها لا تحلها، وأما الاعتقاد فيكون الرجوع عنه بالفعل، لأن اعتقاده مستتر لا يظهر إلا بما يكشف عنه م فعل يتبين به كحل اليمين بالكفارة أو إتيان ما امتنع منه، فأما مجرد قوله رجعت فلا يعد فيئا، وإذ ثبت هذا التحقيق فلا معنى بعده لقول إبراهيم النخعي وأبي قلابة: إن الفيء قوله رجعت. أما أنه تبقى هناك نكتة وهي أن يحلف فيقول: والله لقد رجعت. فهل تنحل اليمن التي قبلها أم لا؟ قلنا لا يكون فيئا لأن هذه اليمين توجب كفارة أخرى في الذمة، وتجتمع مع اليمين الأول ولا يرفع الشئ إلا بما يضاده وهذا تحقيق بالغ". (60)

*قوله:"اختلف علماؤنا في دم الحيض فقال بعضهم هو كسائر الدماء يعفى عن قليله ومنهم من قال: قليله و كثيره سواء في التحريم، وهو قول ابن القاسم ورواه ابن وهب عن مالك. وجه الأول عموم قوله تعالى (أو دما مسفوحا) (61) وهذا يتناول القليل دون الكثير، ووجه الثاني قوله تعالى (قل هو أذى) (62) وهذا يعم القليل والكثير، ويترجح هذا العموم على الآخر بأنه عموم في خصوص عين، وذلك الأول هو عموم في خصوص حال، وحال المعين أرجح من حال الحال، وهذا من غريب فنون الترجيح وهذا ما لم نسبق إليه ولم نزاحم عليه". (63)

*قال ردا على الشافعي الذي يرى أن الإيتاء للمكاتب واجب:"ولو أن الشافعي حين قال إن الإيتاء يقول إن الكتابة واجبة لكان تركيبا حسنا، لكنه قال إن الكتابة لا تلزم والإيتاء يجب، فجعل الأصل غير واجب والفرع واجب وهذا لا نظير له، والدليل على أنه غير واجب أنه لو كان واجبا غير مقدر كما قال الشافعي لكان المال في أصل الكتابة مجهولا والعقد بالعوض المجهول لا يجوز شرعا" (64) وهذا من دقة فهمه للنصوص وتوجيهاته الدقيقة والعميقة لها. (65)

وفي معرض كلامه عن اختلاف العلماء في وجه تفضيل السمع على البصر قال:" ويحتمل أن يكون قدم السمع لأن كلام الله نسمعه قبل النظر إليه، فكان تقديمه من أجل تقديم المعرفة بمتعلقاتها، وهذا كلام بديع لم أسبق إليه من عالم والحمد لله". (66)

ومن القضايا التي انفرد بها في باب الأصول:

1 - التخصيص بالقواعد العامة: يرى ابن العربي أن التخصيص بالقواعد العامة أولى من التخصيص بالقياس ومثل لذلك بتخصيص الحلي من عموم أحكام الربا،فالحلي كان عينا في أصله وأخرجه القصد والصناعة إلى باب العروض فتغير حكم الشرع في إيجاب الزكاة فيه نظرا لخروجه عن الذهب والفضة بالتغير في الهيئة والمقصد وهذا من باب القواعد العامة.والقاعدة العامة هنا هي قاعدة المصالح والمقاصد قال ابن العربي:"إن الربا وإن كان منصوصا عليه في ذاته وهي الزيادة فإنه عام في الأحوال والمحال،والعموم يتخصص بالقياس فكيف بالقواعد المؤسسة العامة." وهذا من دقائقه رحمه الله.

2 - التخصيص بالحكمة: فكما يجوز التخصيص عند ابن العربي بالقواعد العامة يجوز التخصيص بالحكمة ومثل له بقتل الجماعة بالواحد فقال ردا على الإمام أحمد في أن الجماعة لاتقتل بالواحد لقوله تعالى:"النفس بالنفس," وهذا العموم مخصص بالحكمة التي من أجلها كتب القصاص وهي صيانة الأنفس عن القتل وإراقة الدماء،وهذه الحكمة يدب أن تراعى في جميع أصناف القتل فرديا كان أو جماعيا،وإبطال هذه الحكمة يترتب عليه التذرع إلى سفك الدماء عن طريق القتل الجماعي،فتعين التخصيص بالحكمة ردعا للأعداء وحسما للداء.

3 - تخصيص العموم بالعموم: وهو من أغرب أنواع التخصيص عند ابن العربي، والعمدة لديه في ذلك هو أن الله تعالى حجب في الميراث الأم من الثلث إلى السدس بالولد الواحد وبالجمع من الإخوة،وقد اختلف في العدد الحاجب فذهب جملة من الصحابة إلى أن الحجب يتم باثنين فأكثر، وذهب ابن عباس إلى أن الحجب لا يتم إلا بما فوق الإثنين،والاختلاف راجع في أساسه إلى الاختلاف في أقل عدد يطلق عليه لفظ الجمع، ويرى ابن العربي أن هذا تخصيص للعموم بالعموم فقول الله تعالى:"فإن كان له إخوة" (67) يقتضي بإطلاقه ثلاثة لأنه هو المتيقن في الجمع،وضم الواحد إلى الآخر يعد جمعا أيضا لغة وهو عموم معارض للعموم الأول فترك أحد الجمعين بالآخر، وهو تخصيص له، ذلك لأن حظ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير