3. اعتمدتم المنهجية العلمية وسبيل التفسير الموضوعي فقد تنكشف به أمور استطاعت أن تبقى في الظل لقرون متطاولة، كما قد تلتبس عليكم بعض مفاهيم المتشابه من القرآن؛ أو تتبنون ما حنط من المفاهيم القرآنية، كما سيأتي في النقطة اللاحقة؛
4. رغم قراءتكم النقدية بعين فاحصة، استمتم في القول بوجود النسخ في آيات التشريع القرآنية!!! وهو ما يبين أنكم لا تسلطون الأضواء لكل ما يمر تحت شاشة البصر ... ؛
5. لا جدوى من مناقشة مفسرين اختلفت بيننا وبينهم مسافات الزمان والمكان وتغيرت الظروف والملابسات، وصدق ابن معط في قوله: " والحي يغلب ألف ميت " وإنما المرء يبرز ما أفاض الله عليه من فيضه وفضله، دون أن ينسب ذلك إلى جهده وعلمه كما فعل قارون.
القسم الثاني: التفسير والمضمون
! ـ قضية نسخ القرآن:
تتطلب دراسة الآيات القرآنية دراسة تمحيصية ليستيقن المؤمن جزما يقينا بأن في القرآن آية كونية واحدة نسخت لا غير وهي ما تشير إليه دلالة قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 183] فبعدما قتلوا الأنبياء صار الأمر عبثا وتعالى الله عن اللعب والعبثية في كونه وقانونه؛ إذ لا وجود لها إلا في دواوين البشر وقوانينهم التائهة عن سبيل الله.
والنسخ سواء كان بمعنى المحو والإزالة، أو بمعنى النسخ والنقل. كما ينبغي التفريق بين ما جاء به القرآن نقلا عن الكتب السابقة من توراة وإنجيل وصحف إبراهيم وزبور داوود (عليهم جميعا السلام) هو ما جاء ضمن آيات النسخ من " مثلها " لقد أنسيت صحف إبراهيم، وزبور داود، هذا إن جاء معنى قوله تعالى " ننسها " بمعنى النسيان وقد يكون بمعنى النسيء وهو التأخير والقرآن بجملته جاء مؤخرا عن الكتب السابقة وما جاء به من مستجدات الأحكام كانت طبعا خيرا من سابقتها.
وإذا تيسر الأمر وهان الخطب، فلم التقول على كتاب الله؛ إذ ليس هناك دليل قاطع بكون آية الفلانية نسخت نسخا يرفع به حكمها وتبقى مع ذلك مسطورة في المصحف؟ ولا العكس فليست هناك آية قيل أنها كانت من القرآن ثم حذفت بالنسخ، بل بمجرد اعتقاد هذا الأمر أو ذاك يطعن المرء في حفظ الله لكتابه من التحريف وهو بالتالي أضحي طعنا في صدق القرآن. وهكذا تكشف القراءة باسم ربك الزيغ والانحراف، والخروج عن سواء السبيل. ولا يعتبر مع هذا قول قائل وإن علت رتبته مكانة بين الأصحاب رضي الله عنهم، فقد ثبت عنهم كما في مصحف ابن مسعود اعتبار سورتي المعوذتين مجرد أدعية سنية ...
وما اختلاف المتقدمين والمتأخرين في القول بالنسخ إلا اختلاف اصطلاحي فهناك من يرى تخصيص آية بكونه نسخا جزئيا لها وهناك من ينظر إلى تعميم ما خصص بكونه نسخا أيضا وما أجمع المتأخرون إلا على بعض الآيات بكونها منسوخة وهي لا تعد إلا أقل من أصابع اليد الواحدة ومع ذلك فاتهم بأن ما أطلقوا عليه القول بالنسخ ما هو إلا مجرد تدرج في الأحكام، وإذا ما علمنا بأن التدرج في الأحكام سنة إلهية لا تنفك عن باقي السنن، أدركنا كيف تتشابه دلالات الآيات عند الناس وما يعقلها ويحكم ضبط دلالاتها إلا الراسخون في العلم المتصلون ببحبوحة الغيب يقتنصون جواهر بحرها ليخرجوها للناس لآلئ نيرة لا يمتلك من رآها إلا الإذعان للحق بعد ما تبين له؛ وليعرب لسانه بكونها فهما جديدا قريب عهد بربه من جراء السكينة التي استحوذت على نفسه وجوارحه وغمرت قلبه طمأنينة.
2. قضية الأسماء الله الحسنى
من يريد الله به خيرا يفقهه في الدين ويعلمه التأويل، وقضية الأسماء الله الحسنى هي قضية صارخة في كتاب الله ومن وقف مع تعظيم الحرمات الربانية وبخاصة صفة الحكمة لديه سبحانه وتعالى وضع يده على حكمة الحكيم في كل شيء، فضلا عن استمطار فضله وفيضه سبحانه وتعالى وهو الكريم الذي لا يخيب من رجاه.
وهذا ما يجعل كتاباتنا في الظرف الراهن محل أخذ ورد، لكونها خرجت على الناس بمفاهيم مغايرة لما عهده الناس طوال قرون متطاولة.
3. عدم الفهم عن الله قوانين أفعاله:
¥