وما جعل الله عز وجل قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لما مضى على درب العقل المسدد بالوحي وليس هذا لغيره من الصحب والتابعين.
وإذا كان كل بني آدم خطاء ـ هكذا بصيغة المبالغة ـ فالقرآن يصرح بأكبر من ذلك {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ} [النحل: 61] {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ} [فاطر: 45] ومعلوم أن كل بني آدم دابة تدب على هذه البسيطة، بما فيهم من الأنبياء، ومن هنا يفتضح زور نسبة الأنبياء للعصمة وهي فرية شيعية سحت على الأنبياء ثم أسقطت على أئمة آل البيت.
فنبينا الكريم يصرح له ربه {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً} [الفتح: 2] ويعاند المفسرون هذه الحجج الدامغة لينزهوا الرسل عن المعاصي وكأنهم لم يسمعوا قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 21]
نعم لله عبادا محفوظون من أمر الله وفق وعده سبحانه وتعالى {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} [الرعد: 11]
ألا ما أحوجنا لقراءة التراث قراءة نلقدة تحق الحق وتبطل الباطل.
وعصمة الرسول صلى الله عليه وسلم إنما تجلت بحفظه من الناس وفق وعده سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67]،
ثم في حفظ تبليغه مصداقا لقوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحج: 52] وجزم بذلك في قوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ [44] لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ [45] ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ [46] الحاقة,
وبين هذا وذاك نحترم اجتهاد السلف الصالح فقد اجتهدوا بما أوتوا من وسائل لزمانهم ومكانهم، ولا غرو فالفتوى تتغير زمانا ومكانا وشخصا ونية وحالا. وسيكون من العبث اجترار اجتهادهم وسحبه على غر زمانهم ليضحي تقولا عليهم بعلم.
والقرآن الكريم كم من آيات بينات لم تتضح مدلولاتها في زمانهم، ثم لو أنك أخي الكريم قرأت أي تفسير كان لاستوقفتك عدة تعابير وتفاسير تناقض كلام الله تناقضا بينا والأمثلة كثيرة جدا ومن باب الإشارة إقرا ما جاء في قوله تعالى {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج: 15]
هل استطعت إزاحة اللثام عن الموضوع؟ فإن بقيت باقية فالمرجوا تعقيبا علميا يكشف البس ويذهب بالغباش والله الهادي إلى سواء السبيل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[محمد جابري]ــــــــ[24 Jul 2008, 01:42 م]ـ
أخي الحسن محمد ماديك؛
سلام عليك ورحمة الله وبركاته، أما بعد؛
راسلتكم مباشرة عسى نصح الخفاء يفيد أكثر من نصح العلانية، ولربما لم تتوصلوا بالرسالة مما دعاني لأنشرها للعموم عسى أن تعمم الفائدة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
بسم الله الرحمن الرحيم
¥